للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز (]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة أخبرني أبو هانئ حميد بن هانئ أن أبا علي عمرو بن مالك حدثه، أنه سمع فضالة بن عبيد رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء)].

قوله: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا، ثم دعاه وقال له أو لغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء)، يعني: من أسباب قبول الدعاء أن يمهد قبله بحمد الله والثناء عليه، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاءت صلاة الجنازة مشتملة على الحمد، وعلى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الدعاء؛ لأن قراءة الفاتحة حمد وثناء على الله عز وجل، والصلوات الإبراهيمية فيها صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يكون الدعاء للميت والسؤال له بالمغفرة والرحمة والشفاعة له.

ثم أيضاً فيما يتعلق بالصلاة أن التشهد يسبق السلام، وهو مشتمل على حمد الله والثناء عليه، فقوله: (التحيات لله والصلوات والطيبات) حمد وثناء على الله عز وجل، وبعدها: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) ثم بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك الدعاء، ففيه تمهيد للدعاء.

والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أرشد المسلم أن يجمع في صلاته بين التمجيد والثناء على الله، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ثم الدعاء بما أحب بعد ذلك، فيكون قد مهد لدعائه بثناء على الله، وبصلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولعل اختيار الإمام أحمد رحمة الله عليه دعاء الاستفتاح: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، لكونه اشتمل على تعظيم لله عز وجل والثناء عليه، وكما هو معلوم أنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواع من الاستفتاحات، منها ما هو ثناء، ومنها ما هو دعاء، وكل ذلك حق، والاختلاف فيها اختلاف تنوع، فإذا اختار أي واحد من هذه الأنواع فهو على حق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>