للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (إن الله حيي ستير)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن التعري.

حدثنا عبد الله بن محمد بن نفيل ثنا زهير عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء عن يعلى: (أن رسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)].

أورد أبو داود باباً في النهي عن التعري، يعني: التعري حيث يراه أحد غير من يجوز له أن يراه -كالزوجة والأمة: السرية التي يطؤها- فإنه ليس لأحد غيرهما أن يطلع على عورته، وإذا كان المرء في مكان مكشوف يراه الناس فلا يجوز له أن يغتسل عارياً، بل عليه أن يغتسل وعليه شيء يستر عورته، بخلاف ما إذا كان في مكان مستور لا يطلع عليه أحد، فإن تعريه حال الاغتسال عند ذلك مباح.

وقد أورد أبو داود حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه أن النبي رأى رجلاً يغتسل في البراز؛ أي: المكان المكشوف، في الفضاء الواسع، وليس هناك شيء يستره لا من جدار ولا من أشجار، وإنما هو بارز للناس، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك صعد المنبر وقال: (إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر) ومعنى ذلك أنه ليس للإنسان أن يفعل هذا الفعل، وإنما عليه أن يستتر عن الناس، وأن يكون من أهل الحياء، فلا يحصل منه ذلك، لأن هذا الفعل لا يسوغ ولا يجوز، ولا يجوز أن يرى أحد عورته إلا زوجته أو ملك يمينه -الأمة التي يطؤها-.

قوله رحمه الله تعالى: [(إن الله حيي ستير)] هذا فيه دليل على إثبات هذين الاسمين لله عز وجل، فهو الحيي وهو الستير، لمجيئهما في هذا الحديث.

ثم ذكر مقتضى هذين الاسمين حيث قال: (يحب الحياء، ويحب الستر) يعني هو حيي يحب الحياء، وهو ستير يحب الستر، وهكذا يأتي في بعض الأحاديث التي فيها ذكر بعض أسماء الله تعالى محبة الصفات التي تدل عليها هذه الأسماء، وهنا: (إن الله حيي ستير؛ يحب الحياء والستر) وفي حديث آخر: (إن الله جميل يحب الجمال)، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إن الله محسن فأحسنوا) وهكذا بعض الأحاديث التي تأتي يأتي فيه ذكر اسم من أسماء الله، ثم يذكر بعدها شيء يرشد إليه، وغالباً ما يكون مشتقاً من تلك الأسماء.

أما ما يشتهر على ألسنة الكثير من عامة الناس من إطلاقهم اسم (الساتر) و (الستار) على الله تعالى وإدراجه ضمن أسماء المولى جل وعلا؛ فلا نعلم دليلاً يدل عليهما، ولكن لا شك أن الله تعالى هو الستَّار وهو الساتر من حيث المعنى، لكن الأسماء والصفات توقيفية، والذي ورد هو ما تقدم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>