للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (كان إذا تشهد قال الحمد لله نستعينه ونستغفره)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا عمران عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن ابن مسعود رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً)].

أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ولا علاقة له بالترجمة، والترجمة التي عقدها المصنف يتعلق بها الحديث الأول فقط، ثم أتى بأحاديث عديدة لا علاقة لها بالترجمة؛ لأنها تتعلق بالخطبة، وبقصر الخطبة، وباشتمال الخطبة على أشياء من تذكير وقراءة قرآن، وما إلى ذلك.

فلا أدري هل أتى بهذه الترجمة ثم جاء بعدها بأحاديث لا علاقة لها بها أو أن هناك ترجمة سقطت بعد الترجمة، وهي تتعلق بما تشتمل عليه الخطبة؟! وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد قال: [(الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره)] إلى أن قال في آخره: [(من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً) وفيه الجمع في الضمير بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قوله: [(ومن يعصهما)] أي: من يعص الله ورسوله، وقد جاء ذلك في أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) أي: مما سوى الله ورسوله، وكذلك الحديث الذي فيه: (إن الله ورسوله ينهيانكم عن الخمر) وسيأتي المصنف بحديث أن خطيباً خطب وقال: (ومن يعصهما فقد غوى) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (بئس الخطيب)؛ لأنه جمع بين الله ورسوله في الضمير، وقد ذكر العلماء في الجواب عن هذا الاختلاف بين هذه الأحاديث أن الخطبة المقصود بها البسط والإيضاح، فكان الأمر يتطلب التفصيل ولا يتطلب التثنية، بخلاف الأمور التي فيها إرشاد وتعليم لأحكام شرعية فإنه يمكن أن يجمع فيها بين الضميرين، وقال بعض أهل العلم: إن التثنية خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فله أن يجمع في التثنية بين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليس لغيره أن يفعل ذلك.

قوله: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تشهد)].

يعني: إذا أتى بالذكر الذي يكون في أول الخطبة المشتمل على التشهد، وتسمى المقدمة والديباجة التي تأتي بين يدي الخطبة، وتسمى تشهداً بأجل شيء وأعظم شيء فيها، كما أن التشهد الذي هو: (التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك -أيها النبي- ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) قيل له: تشهد من أجل (أشهد أن لا إله إلا الله) فيطلق على الشيء الكثير اسم أهم شيء فيه وأعظم شيء فيه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>