قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأضحية عن الميت.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال:(رأيت علياً رضي الله عنه يضحي بكبشين فقلت له: ما هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصاني أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه)].
أورد أبو داود هذه الترجمة:[باب الأضحية عن الميت]، والإنسان عندما يضحي يضحي عن نفسه وأهل بيته وله أن يضحي عن الأحياء والأموات من أهل بيته، وإذا أوصى رجل بأن يضحى عنه فليضح عنه.
وأما الأضحية عن الميت استقلالاً على سبيل الانفراد فلا نعلم شيئاً ثابتاً يدل عليه، ولكن كونه يضحي عن نفسه وعن أهل بيته أو أقاربه أحياء وأمواتاً، فلا بأس بذلك، وقد جاء في السنة ما يدل على ذلك، فيدخل الأموات تبعاً، وأما أن يضحى عنهم استقلالاً وانفراداً، وأن يكون ذلك من غير وصية منهم، فلا أعلم شيئاً يدل عليه.
والحديث الذي أورده أبو داود عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يضحي بكبشين ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه بذلك، غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده من هو مجهول، وفيه من هو متكلم فيه غير المجهول، والإنسان إذا أراد أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسببه شيء من رفعة الدرجة وعلو المنزلة فإن عليه أن يجتهد في الأعمال الصالحة لنفسه، فإن الله تعالى يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثلما أعطاه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دل الناس على الخير، (ومن دل على خير فله مثل أجر فاعله)، وقال عليه الصلاة والسلام:(من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً).
فالرسول صلى الله عليه وسلم يحصل له من الأجر مثل أجور أمته كلها من أولها إلى آخرها، من حين بعثه الله إلى قيام الساعة؛ لأنه هو الذي دل الناس على الحق والهدى، وهو الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، وما حصل للناس من خير وهدى فإنما هو بسببه وبدلالته وإرشاده عليه الصلاة والسلام، فالإنسان عليه أن يجتهد في الأعمال الصالحة لنفسه، ثم إن الله يعطي نبيه صلى الله عليه وسلم مثلما أعطى، لا أن يضحي له أو يعمل أعمالاً خاصة به أو يجعلها له.
وأسعد الناس وأوفرهم حظاً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصول الثواب والأجور إليهم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم هم الذين تلقوا الحق والهدى عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، فكل من حفظ سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وبلغها للناس، فإن الله تعالى يثيب كل من عمل بهذه السنة على عمله، ويثيب ذلك الصحابي الذي جاء بهذه السنة وروى هذه السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مثلما أثاب ذلك العامل.
وحديث علي رضي الله عنه غير ثابت ولا يعول عليه، والإنسان يمكن أن يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم بسببه شيء من الحسنات إذا عمل لنفسه صالحاً.