للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث عبد الله بن عمرو (الصور قرن ينفخ فيه)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في ذكر البعث والصور.

حدثنا مسدد حدثنا معتمر قال: سمعت أبي قال: حدثنا أسلم عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله وسلم قال: (الصور قرن ينفخ فيه)].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في البعث والصور.

والبعث هو: إخراج الناس من القبور، وانتقالهم من حياة البرزخ إلى الحياة الباقية؛ لأن الدور ثلاث: دار الدنيا، ودار الآخرة، والبرزخ الذي بين الموت وبين البعث، فهو من ناحية الجزاء تابع للآخرة؛ لأن ما بعد الموت كله جزاء والعمل ينتهي بالموت.

وأما من ناحية الحياة في البرزخ فإنها تختلف عن حياة الآخرة وتختلف عن حياة الدنيا، وهي حياة حقيقية لا يعلمها إلا الله عز وجل.

وقد مر في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد ولد آدم، وأول من ينشق عليه القبر)، يعني: فأول قبر ينشق عن صاحبه قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأول الناس خروجاً من قبره نبينا محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فإذاً هذا هو البعث.

والبعث يكون بالنفخ في الصور، والصور قرن ينفخ فيه كما جاء في هذا الحديث، فبالنفخة الأولى يحصل الموت، ثم بالنفخة الثانية يحصل البعث: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:٦٨]، فهناك نفخة الموت ونفخة البعث، وهناك نفخة الفزع التي ستكون قبل ذلك، وهي التي تكون في نهاية الدنيا، حيث يصغي الإنسان ليتاً ويرفع ليتاً، أي: يذهل ويستمع، ثم تأتي النفخة التي هي نفخة الموت، وبعد ذلك تأتي النفخة التي هي نفخة البعث ونفخة الحياة.

وعندما يحصل النفخ في الصور مرة ثانية يقوم كل من كان ميتاً من أول الدنيا إلى آخرها، ويخرج من قبره إذا كان مقبوراً، ويأتي من الأماكن التي صار فيها إذا لم يقبر، وذلك فيما إذا أكلته الحيتان أو احترق أو تقطع وتمزق في الماء، وغير ذلك من الأحوال التي هي غير الدفن في القبور، فإن الناس يبعثون، وكل منهم تعود أجزاء جسده إلى ما كانت عليه، ويخرج إلى الحياة الباقية التي تكون بعد البعث، ثم بعد ذلك في الجنة أو في النار.

<<  <  ج:
ص:  >  >>