[تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه)]
قوله: [حدثنا نصر بن علي].
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وقد وافق اسمه واسم أبيه اسم جده وجد أبيه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي علي الحنفي].
هو عبيد الله بن عبد المجيد، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن همام].
هو همام بن يحيى، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنس بن مالك من صغار الصحابة، والزهري من صغار التابعين.
وهذا الحديث فيه رواية تابعي صغير عن صحابي صغير؛ لأن أنساً رضي الله عنه عُمِّر، وطالت حياته، فأدركه صغار التابعين، ومنهم من روى عنه، ومنهم من لم يروِ عنه، وهنا الزهري يروي عنه، وقد سبق أن ذكرنا أن حديث الأعمش عنه مرسل؛ لأن الأعمش لم يروِ عن أنس.
[قال أبو داود: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد].
وزياد بن سعد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهو يعني بهذا أن المعروف ذكر الواسطة بين ابن جريج وبين الزهري، وهو زياد بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وبعض أهل العلم قال: إنه يمكن أن يكونا حديثين، فيكون هذا حديث وهذا حديث، فالذي جاء من هذا الطريق حديث، والذي جاء من ذلك الطريق حديث آخر.
وقال: يمكن أن يصحح الحديث الذي قال عنه أبو داود: إنه منكر؛ وذلك لأنه ليس فيه إلا احتمال تدليس ابن جريج، فإن صرح بالسماع حكم له بالصحة والثبوت، وإلا فالعلة فيه ليست من همام، وإنما هي من تدليس ابن جريج.
قوله: (اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه)].
الوَرِق هو: الفضة، والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب ثم ألقاه فألقى الناس خواتيمهم، وبين لهم أنه حرام، وأما الوَرِق فإنه حلال ومباح اتخاذه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذ خاتماً من ورق واستمر عليه الصلاة والسلام عليه، وجاء عن أنس: (أنه كان يرى وبيص خاتمه في يده صلى الله عليه وسلم)، وكان اتخذ الخاتم من أجل أن يختم به كتبه إلى الزعماء والملوك والرؤساء؛ لأن أصله أنه قيل: إنهم لا يقبلون الكتاب إلا مختوماً، فاتخذ خاتماً وكتب فيه: (محمد رسول الله) صلى الله عليه وسلم.
فهذا الحديث الذي فيه وضع الخاتم هو من طريق زياد بن سعد عن الزهري، لكن فيه أن الخاتم من فضة، والذي أعرف أن الذي نزعه النبي صلى الله عليه وسلم ونزع الناس خواتيمهم هو أنه كان من ذهب، فما أدري هل قضية الفضة حصل فيها شيء من هذا أم لا؟ ولكن الفضة بقيت مباحة واستمرت إباحتها، وعلى هذا فيجوز اتخاذ الخاتم من الفضة.