قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب حدثنا إسماعيل عن أيوب حدثني عمرو بن شعيب حدثني أبي عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم تضمن، ولا بيع ما ليس عندك)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يحل سلف وبيع) ولعل المقصود بالسلف القرض، فيقول: أبيعك هذه السلعة على أن تقرضني كذا، فيكون هذا البيع معه قرض، والقرض جر نفعاً، وقد أجمع العلماء أن على كل قرض جر نفعاً فهو ربا، فيكون هذا القرض قد بني على بيع، ويترتب على هذا الشرط أنه حصلت فائدة بسبب القرض، فيكون ذلك من قبيل الربا المحرم، أو من قبيل البيع على أن يسلفه بشيء غائب إلى أجل.
(ولا شرطان في بيع) قيل المراد بالشرطين مثل بيعتين في بيعه، أو صفقتين في صفقة، فيكون محرماً.
وأما الشروط الفاسدة فغير معتبرة قلت أو كثرت، والمقصود: شرطان ليسا من قبيل ما هو محرم ولا من قبيل ما هو جائز، وإنما من قبيل اجتماع شيئين في شيء واحد؛ بأن تكون بيعتان في بيعة، فيكون هذا مثالاً لما يدخل تحت هذا البيع، أو مثل العينة بأن يقول: أشتري منك هذه السلعة بثمن مؤجل, وأبيعها عليك بثمن معجل أقل، فيكون أيضاً من قبيل بيعتين في بيعة، فيكون الشرطان الممنوعان ما كانا من هذا القبيل.
وأما إذا كانت الشروط صحيحة لا محذور فيها فلا بأس، وإذا كانت الشروط فاسدة فقليلها وكثيرها ممنوع لا يجوز، وإنما المقصود الذي يكون من هذا القبيل.
(ولا ربح ما لم تضمن) يعني: كون الإنسان يربح شيئاً هو غير ضامن له لو تلف، بل يتلف على حساب غيره، وذلك لأن الربح تابع للضمان، إذ إن الغرم بالغنم.
وأما ربح ما لم يضمن، مثل الإنسان الذي يشتري السلعة ثم يتركها عند البائع، فلو ضاعت أو تلفت كانت على حساب البائع؛ لأنها بحوزته ما سلمت، فإذا باعها الذي اشتراها قبل أن يقبضها وربح فيها فمعناه أنه ربح في شيء هو غير ضامن له.
(ولا بيع ما ليس عندك) هو الذي مر في حديث حكيم بن حزام.