[تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يأمرنا في فوح حيضتنا أن نتزر)]
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الكوفي الضبي الكوفي ثم الرازي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشيباني].
هو أبو إسحاق الشيباني، واسمه سليمان بن أبي سليمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن الأسود].
هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو الأسود بن يزيد النخعي، وقد مر ذكره.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
مباشرة الحائض في غير الجماع سائغ ولا بأس به، وما فوق الإزار وتحت الركبة جائز باتفاق العلماء، وما كان دون ذلك ولكن في غير الفرج ففيه خلاف بين أهل العلم، ويدل على كونه سائغاً قوله عليه الصلاة والسلام: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، والنكاح إنما هو في مكان الأذى الذي قال الله عز وجل عنه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢]، فالمباشرة لها ما بين الركبة والسرة سائغة؛ ولكن من يخشى على نفسه أن يقع في الأمر الحرام فعليه أن يكون بعيداً عن الحمى والمحل الذي إذا وقع فيه وقع في الحرام، فلا يباشر فيما بين السرة والركبة إذا كان يخشى على نفسه الوقوع في الأمر المحرم، وإن كان لا يخشى فلا بأس بذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح).
والرسول عليه الصلاة والسلام كان يقبل وهو صائم، وكان أملك الناس لإربه عليه الصلاة والسلام، فتقبيل الرجل لامرأته في حال صيامه لا بأس به، لكن بشرط أن يطمئن إلى أنه لا يحصل منه إفساد لصيامه لخروج المني بسبب هذه المباشرة، وبسبب هذا التقبيل والمقاربة.
وأما بالنسبة للوضوء فالإنسان له أن يقبل زوجته وهو على وضوء، فإن خرج منه مذي فسد وضوؤه، وعليه أن يعيد الوضوء، وإن لم يخرج منه مذي فإن وضوءه على حاله.
وكان عليه الصلاة والسلام يقبل وهو صائم، وهو أملك الناس لإربه، وكان يباشر المرأة وهي حائض وهو أملك الناس لإربه عليه الصلاة والسلام، وكونه يباشر زوجته وهي حائض لأنه يتمكن من عدم الوقوع في الأمر المحرم، بخلاف غيره فإنه قد يتمكن وقد لا يتمكن.
وبالنسبة للصائم الذي يعرف من نفسه أنه لا يحصل منه إفساد صيامه بسبب التقبيل والمباشرة فلا بأس أن يقبل، وإذا كان يعرف من نفسه أنه يحصل منه الأثر المترتب على ذلك وهو إفساد الصوم؛ فإنه لا يجوز له أن يقبل، والرسول عليه الصلاة والسلام كان يقبل وهو صائم، وهو أملك الناس لإربه، وكان يباشر أهله حال الحيض، وهو أملك الناس لإربه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحاصل: أن الإنسان إن كان متوضئاً وقبل أو باشر أهله، وحصل منه مذي بسبب ذلك؛ فإن وضوءه يفسد، وعليه أن يتوضأ، ويغسل النجاسة التي حصلت، وإن قبل وهو صائم أو باشر -أي: مست بشرته بشرتها بدون جماع- ولم يحصل منه إنزال؛ فإن صيامه على ما هو عليه، وإن حصل الإنزال فسد صومه، وعليه أن يقضي ذلك اليوم الذي أفسده، وإن حصل منه الجماع فقد أفسده وعليه الكفارة التي هي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن كانت زوجته في حال حيض، جاز له أن يباشرها فوق الإزار ودون الركبة أو ما دون ذلك، لكن بشرط ألا يصل إلى المكان المحرم، والفعل المحرم هو أن يطأها في الفرج، وأما ما وراء ذلك فإنه مباح، ولكن ما دون السرة وفوق الركبة فمن يخشى على نفسه أن يقع في الأمر المحرم فلا يجوز له أن يحوم حول الحمى؛ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يرتع فيه كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإنسان يحتاط لدينه، ولا يعرض نفسه للوقوع في الأمر المحرم.