قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيمن تطبب بغير علم فأعنت.
حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ومحمد بن الصباح بن سفيان أن الوليد بن مسلم أخبرهم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:(من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن).
قال نصر: قال: حدثني ابن جريج.
قال أبو داود: هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا].
قوله:[باب من تطبب بغير علم فأعنت].
أعنت يعني: حصل له ضرر بسبب علاجه؛ لأنه غير طبيب وإنما هو متطبب، والمقصود من كونه ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء لا يجيده وليس هو من أهله، ومقتضى هذا أن من تطبب أو من طب غيره وهو طبيب فإنه لا يضمن إذا كان لم يحصل منه خطأ، وذلك أنه لو كان طبيباً ماهراً فختن أو قطع الشيء الذي يقطع وحصل ضرر بسبب ذلك فإنه لا يضمن؛ لأنه قطع الشيء الذي يقطع، فإذا حصلت فيه سراية فسرايته هدر، ولكن لو أنه أخطأ وقطع رأس الذكر فإنه يضمن؛ لأنه فعل شيئاً لا يجوز فعله، وأقدم على شيء لا يجوز الإقدام عليه، ويكون على عاقلة الطبيب، وأما المتطبب فهو ضامن إن أخطأ وإن أصاب، يعني: إن أخطأ كما أخطأ الطبيب بأن قطع شيئاً لا يجوز قطعه، أو لم يخطئ ولكنه قطع الشيء الذي يقطع وحصلت سراية، فإنه يكون ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء وهو ليس من أهله.
إذاً: فهناك طبيب ومتطبب، الطبيب إن حصل منه خطأ بأن فعل شيئاً ليس له أن يفعله خطأً فإنه يضمن، وعلى العاقلة الضمان، وإن كان لم يخطئ ولكن حصلت سراية مع إصابته فإنه لا شيء عليه، وأما المتطبب فهو ضامن سواء أخطأ أو لم يخطئ.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو:(من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن).
يعني: يضمن ما تلف بسبب تطببه.
قوله: [(تطبب)] يعني: أنه تكلف التطبب أو فعل شيئاً لا يجيده.
قوله: [(ولم يعلم منه طب)] مفهومه: أن من عرف بالطب فإنه لا يضمن، ولكن هذا في حال إصابته، وأما في حال خطئه بأن أقدم على شيء وقطعه خطأً، فإنه يكون ضامناً.
والطبيب والمتطبب يضمنان وليس عليهما قصاص؛ لأن المتطبب جاهل فهو ضامن، والطبيب أخطأ فهو ضامن.