للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (لا تقطع الأيدي في السفر)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح عن عياش بن عباس القتباني عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبح الأصبحي عن جنادة بن أبي أمية قال: (كنا مع بسر بن أرطأة في البحر فأتي بسارق يقال: له مصدر قد سرق بختية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقطع الأيدي في السفر.

ولولا ذلك لقطعته)].

قال أبو داود: [باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟].

وهذه الترجمة معقودة لبيان من حصل منه ذلك هل يقطع أو لا يقطع؟ ولهذا أتى بها على الاستفهام، أيقطع أو لا يقطع؟ وكونه في الغزو جاء الحديث بأنه لا يقطع، وعدم القطع فيه لاحتمالين: أنه توجد شبهة؛ وذلك أنه قد تكون السرقة من الغنيمة، والغنيمة للإنسان فيها نصيب، والحدود تدرأ بالشبهات.

الاحتمال الثاني: أن قطعه قد يلحقه بالكفار، فربما يغره الشيطان ويلعب عليه فيلحق بالكفار، فيكون ذلك سبباً في ارتداده وبعده وإلحاقه بالكفار، فمن أجل ذلك جاء ما يدل على أنه لا يقطع لهذه الاحتمالات.

قوله: [عن جنادة بن أبي أمية قال: (كنا مع بسر بن أرطأة رضي الله عنه في البحر فأُتي بسارق يقال: له مصدر قد سرق بختية فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقطع الأيدي في السفر.

ولولا ذلك لقطعته)].

وهذا مبني على أنه لعله كان في غزو، والترجمة كما هو معلوم في الغزو، ومعلوم أن الغزو لا يكون إلا في السفر، وهنا جاء ذكر السفر، فيحتمل أن يكون ذلك في غزو، وفيه أن بسر بن أرطأة رضي الله عنه أُتي برجل قد سرق بختية، والبختية: نوع من أنواع الإبل، وهي البخت التي تأتي من العجم، ومنهم من قال: من خراسان.

قوله: [(لا تقطع الأيدي في السفر.

ولولا ذلك لقطعته)].

ولعل ذلك -كما عرفنا- كان في الغزو، وأما ما يتعلق بالسفر فإن الحدود تقام على من كان حاضراً أو من كان مسافراً، ولكن فيما يتعلق بالغزو فإنه تكون فيه تلك الاحتمالات، فقد يكون سرق من الغنيمة وله فيها نصيب، والحدود فيها شبهات، أو أنه يلحق بالكفار، والناس قد غزو الكفار وذهبوا إليهم، وقد يكون ذلك القطع سبباً في لحوقه بهم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>