قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا خالد يعني: الطحان ح وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب، المعنى عن خالد الحذاء عن أبي العلاء عن مطرف يعني: ابن عبد الله عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل، ولا يكتم ولا يغيب، فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله عز وجل يؤتيه من يشاء)].
أورد أبو داود حديث عياض بن حمار رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل)، والأحاديث التي سبق أن مرت ليس فيها ذكر الإشهاد، فقيل: إن الأمر في هذا الحديث يحمل على الاستحباب؛ لأن تلك الأحاديث السابقة لم تتعرض لذكر الإشهاد، بل فيها أنه يكفي أن يعرف عفاصها ووكاءها، وإذا جاء أحد يصفها حق الوصف فإنه يدفعها إليه، فهذه الأدلة تصرف الأمر بالإشهاد في هذا الحديث إلى الاستحباب، فإذا وجد الإنسان لقطة فإنه يقول: أشهد أنني وجدت لقطة نقود مثلاً ولا يسميها؛ لأنه لو ذكرها لأحد فقد يدعي أنها له فيأتي يصفها ثم يأخذها، وهو لا يستحقها، لأنه قد ثبت أنه يكفي أن يعرف عفاصها ووكاءها وعددها وما إلى ذلك من صفاتها، إذاً: فهو يخبر بأن عنده لقطة.
وفائدة الإشهاد ألّا يحصل منه ميل إلى استهلاكها دون أن يعرفها، وأيضاً إذا مات ولم يشهد فقد يظن الورثة أنها من الميراث فيتقاسمونها، فإذا حصل الإشهاد فإنه يكون بينة على دفع مثل هذا الاحتمال، والحاصل أن الإشهاد ليس بواجب؛ لأن أكثر الأحاديث التي وردت ليس فيها ذكر الإشهاد، فهذا يدل على الاستحباب.
قوله:(ولا يكتم) يعني: لا يكتم اللقطة، وذلك بألا يذكر نهائياً ولا يعرفها.
(ولا يغيب) يعني: لا يخفيها أو ينقلها إلى مكان آخر.
قوله:(فإن وجد صاحبها فليردها عليه، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء) يعني: أنه يستحق هذا الذي وجده بعد التعريف.