إن السنة حجة في جميع الأمور وليست حجة في شيء دون شيء، المتواتر منها والآحاد سواء، كل ذلك حجة في العقائد والأحكام والأخلاق والآداب وغير ذلك، وقد جاءت النصوص الكثيرة الدالة على ذلك، منها: كون النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الرجل ليعلم الناس أمور دينهم، ويجب على الذين يبعثه إليهم أن يأخذوا بما يأتيهم به من بيان العقائد والعبادات والمعاملات وما إلى ذلك.
وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن وقال:(إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن، وأمره بتبليغ الناس أمور دينهم، وقامت الحجة عليهم بذلك في العبادات والمعاملات والعقائد، وأول شيء دعا إليه التوحيد والعقيدة، وما جاء عن الصحابة أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه فرد يحتاج إلى من يعززه، ولابد أن يكون العدد كبيراً، وما جاء عن الذين بعث إليهم أنهم سألوا واستفسروا وقالوا: هل يكفي أن نأخذ بما يأتي عن رجل واحد.
وقد جاءت النصوص الكثيرة في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم دالة على الاكتفاء بخبر الواحد، وأنه تقوم به الحجة، ولا يلزم أن يكون الحديث الذي يحتج به متواتراً في العقيدة ودون ذلك في غيرها، بل إن العقائد والعبادات والمعاملات طريقها واحد، وإذا ثبت النص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه حجة في العقيدة والعبادة والمعاملات ولو كان من قبيل الآحاد.