[شرح ألفاظ الحديث]
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه)].
يعني: عند التكبير حال الدخول في الصلاة.
قوله: [(ثم يكبر)].
يعني أنه عند هذه الهيئة يحصل منه التكبير وهو رافع يديه، وليس معنى ذلك أنه يرفع يديه ثم ينزلهما ثم يكبر، وإنما يكون التكبير مع رفع اليدين مصاحباً لهما، فيكبر تكبيرة الإحرام التي يكون بها تحريم الصلاة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).
قوله: (حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ)].
يعني أنه يكبر وقد رفع يديه ثم يضعهما حتى يقر كل عظم في موضعه، ثم يبدأ بالقراءة، فعندما يرفع ثم يضع يديه ويكون قد استقر كل عظم على ما هو عليه عند ذلك يبدأ بالقراءة.
قوله: [(ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه)].
يعني أنه يقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويكبر وهو يهوي إلى الركوع، فيكون معنى هذا أنه عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه، وكذلك عند الركوع يرفع يديه.
قوله: [(ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه)].
يعني: في حال ركوعه يضع راحتيه على ركبتيه.
قوله: [(ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع)].
معنى: [(ثم يعتدل)] أي: في ركوعه [(فلا يصب رأسه)] يعني: لا يخفضه [(ولا يقنع)] أي: لا يرفعه.
وقيل: إن ذلك -أيضاً- يأتي بمعنى الخفض، فتقنيع الرأس يطلق على الرفع وعلى الخفض، وأما قوله: [(يصب رأسه)] أو (يصوب رأسه) -كما جاء في بعض الألفاظ- فإن المقصود به الخفض، ومعنى ذلك أن رأسه مع امتداد ظهره ليس نازلاً ولا مرتفعاً، وإنما هو مع امتداد ظهره صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده.
ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا)].
أي أنه يرفع من الركوع ويقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه مع ذلك عندما يقوم، فيكون بهذا جاء الرفع في ثلاثة مواضع: في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه.
قوله: [(ثم يقول: الله أكبر.
ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه)].
أي: أنه يكبر عند السجود، وقوله: (فيجافي يديه عن جنبيه) يعني: لا يلصقهما بجنبه، وإنما يجافيهما بحيث يكون معتمداً عليهما، ولا يكون معتمداً على فخذه، وإنما يعتمد على يديه مجافياً لهما عن فخذيه وعن جنبه.
قوله: [(ثم يرفع رأسه ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها)].
هذا الذي يسمى الافتراش في الصلاة، يعني أنه يفترش رجله اليسرى، وافتراش الرجل اليسرى يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، أما التشهد الأخير ففيه تورك، وهو الجلوس على وركه وإخراج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب قدمه اليمنى مستقبلاً بأصابعها القبلة قوله: [(ويفتح أصابع رجليه إذا سجد)].
يعني أنه يلينها إذا سجد، بحيث تكون أطرافها إلى القبلة.
قوله: [(ويسجد ثم يقول: الله أكبر.
ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه)].
معناه أنه يطمئن في جلوسه، ويعتدل في جلوسه، لا أنه يجلس ثم يترك الجلوس بسرعة، وإنما لا بد من الاطمئنان، فيطمئن جالسا.
قوله: [(ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك)].
يعني بذلك السجود، أي: سجد في الأخرى مثل ذلك.
قوله: [(ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة)].
هذا فيه الموضع الرابع من مواضع رفع اليدين في الصلاة، وهو عند القيام من التشهد الأول؛ لقوله: [(ثم إذا قام من الركعتين)] ومعناه: إذا قام التشهد الأول.
قوله: [(ثم يصنع ذلك في بقية صلاته)].
أي: مثلما عمل فيما مضى يعمل في بقية صلاته كذلك.
قوله: [(حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر)].
يعني بذلك الثلاثية أو الرباعية؛ لأنه ذكر أنه يقوم من الركعتين ويكبر.
فالصلاة الثنائية كالفجر ليس فيها إلا الافتراش، وكذلك النوافل ليس فيها إلا الافتراش، ولكن الصلاة الرباعية أو الثلاثية التشهد الأول منها فيه افتراش والتشهد الأخير فيه تورك، فلهذا ذكر القيام من التشهد الأول، والقيام من الركعتين، وأنه يرفع يديه عندما يقوم، وأنه يفعل في صلاته مثلما فعل في الأول، ثم إذا قام من السجدة التي بعدها السلام في الثلاثية أو الرباعية فإنه يتورك، أي: يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى ويجعل وركه على الأرض، بخلاف ما مضى فإنه يفترش رجله ويجلس عليها، فلا يجلس على الأرض وإنما يجلس على رجله، أما التورك فهو الاعتماد بالورك على الأرض، والافتراش هو الجلوس على القدم مفترشاً لها، والتورك إنما يكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية في التشهد الأخير، كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي هذا.
قوله: [(حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر)].
قوله: [(أخر رجله اليسرى)] معناه أنه قدمها، فبدلاً من أن يجلس عليها مثل التشهد الأول وما بين السجدتين أخرها إلى جهة اليسار بحيث تخرج من تحت ساقه، ويجلس على وركه معتمداً عليه.
قوله: [(قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم)].
يعني: أقروا له بأن هذا الذي حكاه موافق للشيء الذي يعلمونه ويعرفونه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فهذه الكيفية جاءت عن أبي حميد، وكذلك أقره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذه الكيفية هي كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه الكرام.