[وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مزدلفة ومبيته بها وما يفعل بمزدلفة]
قوله: [(حتى أتى المزدلفة فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين)].
استمر صلى الله عليه وسلم سائراً حتى وصل إلى مزدلفة، وجمع فيها بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
وأول عمل يعمله الحجاج إذا وصلوا إلى مزدلفة هو الصلاة، لكن بعض الحجاج يتصورون أن المهم في مزدلفة هو لقط الحصى لرمي الجمار، فتراهم حين يصلون إلى مزدلفة من أول الليل ينتشرون في الأرض لأجل لقط الحصى، وليس هذا من السنة، بل السنة أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً، وسواء كان ذلك في وقت العشاء فيكون جمع تأخير، أو كان جمع تقديم في وقت المغرب كما يحصل الآن بالنسبة لسرعة السيارات، لكن إذا اشتد الزحام وتأخر في الطريق حتى انتصف الليل أو قارب الانتصاف، فلا يؤخر الإنسان الصلاة إلى أن يصل إلى مزدلفة؛ لأن الصلاة لا تؤخر عن وقتها بل يصليها في الطريق، وعلى هذا فالرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء لما وصل إلى مزدلفة، ومعلوم أن ذلك كان في وقت العشاء، ولكنه إذا حصل الوصول قبل العشاء فإن الحجاج يصلون حين يصلون، وأول عمل يعملونه هو الصلاة، فلا يشتغلون بلقط الحصى، والحصى لا يلزم أن يلقط من مزدلفة، ولا يلزم أن يكون من مكان معين، بل للإنسان أن يلقط من مزدلفة وله أن يلقط من منى، ويوم العيد لا يلقط إلا سبع حصيات فقط، فليس بلازم أن يجمع سبعين حصاة ويجعلها في كيس، وإنما يجمع سبع حصيات فقط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم وفي أثناء انصرافه من مزدلفة إلى منى أمر الفضل بن عباس أن ينزل وأن يلقط له سبع حصيات، فلقطهن ورمى بهن جمرة العقبة صلى الله عليه وسلم.
قوله: [قال عثمان].
عثمان هو أحد الشيوخ الأربعة الذين روى عنهم أبو داود هذا الحديث الطويل وهو عثمان بن أبي شيبة.
قوله: [(ولم يسبح بينهما شيئاً)] يعني: لم يتنفل بين المغرب والعشاء؛ لأنه جمع بينهما فلا يسبح بينهما، فالمراد بالتسبيح هو التنفل.
قوله: [(ثم اتفقوا: ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى طلع الفجر)].
أي: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة المغرب والعشاء حتى طلع الفجر، وهذا يدل على أن السنة في مزدلفة المبيت حتى يطلع الفجر.
وهنا مسألة: هل أوتر صلى الله عليه وسلم أو لم يوتر؟ ليس في الحديث شيء يدل على هذا، لكن الأحاديث الأخرى الدالة على أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يترك الوتر لا في حضر ولا في سفر، وكذلك ركعتي الفجر لم يتركها لا في حضر ولا في سفر، فهذا يدل على أن الإنسان عليه أن يوتر في تلك الليلة، ولا يترك الوتر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم المعروف عنه أنه كان يحافظ على الوتر وعلى ركعتي الفجر في الحضر والسفر، وهذا سفر، لكن لا يتهجد في تلك الليلة ولا يخصها بتهجد وعبادة، وإنما يكتفي بالوتر؛ لأن الوتر وركعتي الفجر هما آكد السنن.
قوله: [(فصلى الفجر حين تبين له الصبح)].
صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر في أول وقتها، وهذا بعد صلاته ركعتي الفجر.
قوله: [قال سليمان].
سليمان هو سليمان بن عبد الرحمن أحد الشيوخ الأربعة الذين روى عنهم أبو داود هذا الحديث الطويل.
قوله: [(بنداء وإقامة)]؛ وذلك لأنها صلاة واحدة، بخلاف الصلاتين فإنه يشرع لهما أذان واحد وإقامتان عند الجمع.