نقل صاحب (العون) عن النووي رحمه الله أنه قال: في الحديث دليل على تفضيله صلى الله عليه وسلم على الخلق كلهم، ومذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو صلى الله عليه وسلم أفضل من الآدميين وغيرهم.
وقد ذكرت فيما مضى أن مسألة التفضيل بين صالحي البشر والملائكة مسألة خلافية، وذكرت أن شارح الطحاوية ذكر هذه المسألة، وذكر أدلة الفريقين، وجواب كل فريق على الآخر، وانتهى إلى الوقف وعدم الجزم، والمشهور عند أهل السنة أن صالحي البشر مفضلون على الملائكة، والمسألة خلافية بين أهل السنة، فمنهم من يقول بخلاف هذا القول.
وقد ذكر بعض الإخوان أن ابن القيم رحمه الله نقل عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه سئل عن صالحي بني آدم والملائكة أيهما أفضل؟ فأجاب: إن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية، والملائكة أفضل باعتبار البداية، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى منزهون عما يلابسه بنو آدم، مستغرقون في عبادة الرب، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر، وأما في يوم القيامة بعد دخول الجنة فيصير حال صالحي البشر أكمل من حال الملائكة.
ثم قال: وبهذا التفصيل يتبين سر التفضيل، وتتفق أدلة الفريقين، ويصالح كل منهم على حقه.
انتهى.
على كل؛ لا شك أن هذا الكلام الذي قاله شيخ الإسلام واقع من ناحية أن الملائكة الآن معصومون {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦]، وأنهم ليس لهم عمل غير العبادة، ولا يحصل منهم الخطأ والعصيان، وأما بالنسبة للآخرة فلا شك أن البشر مكرمون، لكن كونهم أفضل من الملائكة في الدار الآخرة الله تعالى أعلم.
ونقل بعض الإخوان أن شيخ الإسلام رحمه الله ذكر في مجموع الفتاوى: أن همته لم تنبعث لتحقيق القول في هذه المسألة حتى وجدها أثرية سلفية صحابية.