[شرح حديث: (لعن الله الخمر وشاربها)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب العنب يعصر للخمر.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع بن الجراح عن عبد العزيز بن عمر عن أبي علقمة مولاهم وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه)].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب العنب يعصر للخمر، أي: أنه يتخذ الخمر من العنب، ومعلوم أن الخمر يتخذ من العنب وغير العنب، ولكن المشهور والذي كان كثيراً في الاستعمال عندهم هو العنب حتى قال بعض أهل العلم: إن الخمر من حيث اللغة إنما هي ما يتخذ من العنب.
ولكن كما هو معلوم جاءت النصوص والآثار تدل على أن الخمر تتخذ من العنب وغير العنب، وهم أهل اللغة، فليس الأمر مقصوراً على العنب دون غيره، والتحريم لكل ما أسكر، فكل ما أسكر قليله فإنه يكون حراماً قليله وكثيره، سواء كان من العنب أو غير العنب.
وجاء عن بعض فقهاء الكوفة أنهم كانوا يرون أن القليل الذي لا يسكر من غير العنب يسوغ، ويقصرون التحريم في القليل والكثير على ما كان من العنب خاصة، ولكن الصحيح هو ما جاء في بعض الأحاديث: (ما أسكر قليله فكثيره حرام).
أو (ما أسكر منه الفرق فالقليل منه حرام)، وهذا يدل على أنه لا فرق بين العنب وغير العنب، وأن كل ما أسكر كثيره فقليله حرام من أي شيء كان، سواء كان من العنب أو من غير العنب.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال (لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه).
وهذه تسعة أشياء حصل لعنها، وقد جاء عند ابن ماجة زيادة: (وآكل ثمنها) أي أنه لعن في الخمر عشرة فزاد آكل الثمن، وهؤلاء العشرة أربعة منهم متقابلون، يعني: يتكون من كل واحد اثنان: الأول: (شاربها وساقيها) يعني: الذي يسقي والذي يشرب.
والثاني: (وبائعها ومبتاعها) أي: البائع والمشتري.
والثالث: (وحاملها والمحمولة إليه).
والرابع: (وعاصرها ومعتصرها) عاصرها سواء كانت له أو لغيره، ومعتصرها الطالب من غيره أن يعصرها له أو لغيره، كل هذا جاء لعنه في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.