[شرح حديث:(أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج، فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن شوكر وأحمد بن منيع قالا: حدثنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد، قال ابن منيع: أخبرنا يزيد بن أبي زياد المعنى، عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:(أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحج فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة).
وقال ابن شوكر:(ولم يقصر، ثم اتفقا، ولم يحل من أجل الهدي، وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعى ويقصر، ثم يحل)، زاد ابن منيع في حديثه:(أو يحلق ثم يحل)].
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما:(أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحج)، يعني: بالحج مع العمرة، وقد عرفنا أن هذا مما أورد في باب الإفراد، وأن هذا اللفظ يشعر بأنه كان مفرداً مع أنه ليس بمفرد، وقد عرفنا الجواب عن ذلك.
قوله:(فلما طاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة) أي: وهو باقٍ على إحرامه، ولم يقصر كما قصر الذين كانوا معتمرين، أو الذين فسخوا حجهم إلى عمرة؛ لأنهم لم يسوقوا الهدي، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يقصر؛ لأنه باق على إحرامه، بل بقي على إحرامه إلى يوم النحر.
قوله:(ولم يحل من أجل الهدي) أي: لم يحل عند المروة بعد أن انتهى من الطواف والسعي، لأنه ساق الهدي، وأما الذين لم يسوقوا الهدي فأحلوا، سواء كانوا في الأصل محرمين بالعمرة أو أنهم فسخوا الحج، وسواء كانوا قارنين أو مفردين.
قوله:(وأمر من لم يكن ساق الهدي أن يطوف وأن يسعي ويقص أو يحلق ثم يحل) ذكر هنا التقصير والحلق، والمشهور التقصير في هذا الموطن؛ لأنهم قدموا في يوم رابع، ولم يبق على الحج إلا أربعة أيام، ولم يبق على يوم العيد إلا ستة أيام، وسيحتاجون إلى أن يحلقوا يوم العيد، فالأفضل والأولى في حق من جاء متأخراً وهو متمتع أن يقصر ولا يحلق، حتى يبقى شعر يحلقه يوم العيد، ولو حلقه في وقت متأخر فسيأتي يوم العيد وليس هناك شعر، لكن إذا كان سيقصر في وقت متقدم بحيث يأتي الحج وقد طلع الشعر لوجود مدة كافية لطلوعه فالحق هو الأولى، وأما إذا كان متأخراً فالأولى هو التقصير؛ حتى يبقي شعراً يُحلق يوم النحر.