للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (الحياء خير كله)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن إسحاق بن سويد عن أبي قتادة قال: كنا مع عمران بن حصين رضي الله عنهما وثم بشير بن كعب فحدث عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الحياء خير كله، أو قال: الحياء كله خير) فقال بشير بن كعب: إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة ووقاراً، ومنه ضعفاً، فأعاد عمران الحديث، وأعاد بشير الكلام، قال: فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال: ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك، قال: قلنا: يا أبا نجيد إيه إيه!].

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما: أنه كان في مجلس وفيه بشير بن كعب، فحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحياء كله خير) أو (الحياء خير كله) يعني: الحياء المحمود، والحياء الشرعي الذي يمنع من الوقوع في المحرمات، ويبعث على الإتيان بالأمور المشروعة، والأمور المطلوبة، فقال بشير: إنا نجد في الكتب أن منه سكينة ووقاراً، وأن منه ضعفاً، فأعاد عمران بن حصين الحديث قال: (الحياء خير كله) يعني: أنه كله خير لا يستثنى منه شيء، فأعاد بشير الكلام الذي قاله، وهو تقسيم الحياء إلى قسمين كما ينسبه إلى بعض الكتب، فقال عمران: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك؟! قيل: إن إنكاره لكونه يقابل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بكلام آخر من أخبار الأولين ومن أخبار بني إسرائيل، أو من الكتب المتقدمة التي تحكي مثل هذه الأمور، فأنكر عليه ذلك.

وقيل: إنه أنكره من أجل أنه قال: إن فيه ضعفاً، وقد قال: (الحياء خير كله) وهذا يدل على أنه لا استثناء فيه، وأنه كله خير، بينما بشير قسمه إلى ما يكون سكينة ووقاراً، وما يكون ضعفاً.

ويمكن أن يكون إنكاره عليه من أجل الاثنين؛ لأن الضعف ليس من الحياء الشرعي، فالحياء الذي يحول بين صاحبه وبين تحصيل أمر مقصود يعود عليه بالمنفعة والفائدة الكبيرة، ليس من الحياء الشرعي، وإنما هذا من الخور ومن الضعف وعدم الشجاعة.

قوله: [يا أبا نجيد إيه إيه].

يعني: يكفي، وقد أبلغت وأديت ما عليك بكونك نبهته.

وقيل: إنهم قالوا: إنا ما نعلم عنه إلا خيراً، يعنون بشير بن كعب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>