[شرح حديث:(إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله فقل: يرحمك الله)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يونس النسائي حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: (لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم علمت أموراً من أمور الإسلام؛ فكان فيما علمت أن قال لي: إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله فقل: يرحمك الله, قال: فبينما أنا قائم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجل فحمد الله، فقلت: يرحمك الله.
رافعاً بها صوتي، فرماني الناس بأبصارهم حتى احتملني ذلك، فقلت: ما لكم تنظرون إلي بأعين شُزر؟ قال: فسبحوا، فلما قضى رسول صلى الله عليه وسلم قال: من المتكلم؟ قيل: هذا الأعرابي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: إنما الصلاة لقراءة القرآن وذكر الله جل وعز، فإذا كنت فيها فليكن ذلك شأنك.
فما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
أورد أبو داود حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه بعض ما في الذي قبله، وفيه زيادة: أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم شيئاً من أمور الإسلام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أنه إذا عطس أن يحمد الله، وأنه إذا سمع العاطس يحمد الله أن يشمته، ويقول له: يرحمك الله، وبينما هو يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فحمد الله ذلك الرجل العاطس، فشمته معاوية بن الحكم رضي الله عنه، فنظر الناس إليه نظراً ساءه، فقال: ما لكم تنظرون إلي بأعين شزر؟! فسبحوا فسكت، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من المتكلم؟ قالوا: هذا الأعرابي، فأخبره أن الصلاة إنما هي للتسبيح وقراءة القرآن، وأن الإنسان إذا كان في الصلاة يكون هذا شأنه إما أن يكون قارئاً للقرآن، وإما أن يكون ذاكراً مسبحاً لا متكلماً في أمور الدنيا.
إذاًً: العاطس إذا عطس في غير الصلاة وحمد الله عز وجل فإنه يشمت، وإذا لم يحمد الله عز وجل فإنه لا يشمت، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما بالنسبة للصلاة فللعاطس أن يحمد الله سراً، ولكن من سمعه يحمد الله ليس له أن يشمته وهو في الصلاة؛ لأن حمد الله عز وجل ذكر وثناء على الله، وهو سائغ في الصلاة، وأما قول: يرحمك الله -التشميت- فهو خطاب وكلام من المشمت للعاطس، والكلام والمخاطبة في الصلاة لا تسوغ ولا تجوز.