للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شرح حديث (فإذا قال هي لك ما عشت ترجع إلى صاحبها)]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك.

فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها)].

أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فإذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها)، وهذا مخالف لما تقدم من أنها تجري فيها المواريث.

لكن الكلام على قوله: (فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها) لأنه سبق ذكر أن شأنها شأن المواريث؛ فلو قال: إنها ترجع إلي فلا شك أنها ترجع، وإذا أطلق فقد سبقت الأحاديث بأنها شأن الميراث.

قوله: [(ما عشت)] هي بمعنى: عمرك، ومثلها في المعنى: ما بقيت، أو عمرك، أو مدة حياتك، هذه هي العمرى فلا ترجع إليه؛ لأنه جاء في حديث جابر: (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه) الدلالة على أنها تكون له، وكلمة: عمرى هي نفسها: ما عشت؛ إذ لا فرق بين ما عشت وبين عمرى؛ لأن العمرى معناها مدة عمرك.

لكن إذا قال: فإذا مت ترجع إلي، ونص على أنها ترجع، فهي ترجع، وفيه خلاف فمنهم من قال: إن الشرط لا يعتبر.

ولا يقال: إن قوله: لك ما عشت، وقوله: لك حتى إذا مت رجعت متقارب المعنى؛ لأنه عندما قال: إذا مت رجعت إلي، هذا نص على رجوعها إليه، وأما إذا قال: ما عشت، فنفس الحديث الذي مر أن العمرى له ولعقبه وأنه يجري فيها الميراث.

والمسألة هذه فيها خلاف والتي بعدها فيها خلاف، والمتفق عليه منها هي الأولى: (هي لك ولعقبك)، ولا خلاف فيها.

وقول جابر: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها)، هذا تفسير منه وأما صاحب عون المعبود فقد أشار إلى اجتهاده فقال: قال في فتح الودود وهو شرح لسنن أبي داود، لـ أبي الحسن السندي في خمس مجلدات قال: هذا اجتهاد من جابر بن عبد الله، ولعله أخذه من مفهوم حديث: (أيما رجل أعمر عمرة له ولعقبه)، والمفهوم لا يعارض المنطوق، ولا حجة في الاجتهاد فلا يخص به الأحاديث المطلقة.

انتهى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>