للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وجه تصحيح الشيخ الألباني لحديث (رأيت على الصلت خاتماً في خنصره اليمنى)

السؤال

الحديث الأخير: (رأيت على الصلت بن عبد الله بن نوفل خاتماً في خنصره اليمنى)، ما صحته؛ لأن فيه الصلت وهو مقبول، مع أن الشيخ الألباني قال عنه: حسن صحيح؟

الجواب

ما يتعلق بمعناه من حيث التختم في اليمين ثابت.

أورد الحافظ عدداً من الأحاديث في باب لبس الخاتم من صحيح البخاري.

قال البخاري: حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب أو فضة، وجعل فصه مما يلي كفه، ونقش فيه: محمد رسول الله، فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد اتخذوها رمى به، وقال: لا ألبسه أبداً، ثم اتخذ خاتماً من فضة، فاتخذ الناس خواتيم الفضة، قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، حتى وقع من عثمان في بئر أريس).

ثم قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس خاتماً من ذهب فنبذه، فقال: لا ألبسه أبداً، فنبذ الناس خواتيمهم).

ثم قال: حدثني يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق يوماً واحداً، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم) تابعه إبراهيم بن سعد، وزياد وشعيب عن الزهري، وقال ابن مسافر: عن الزهري: (رأى خاتماً من ورق).

يقول الحافظ: قلت: ويحتمل وجهاًَ رابعاً ليس فيه تغيير ولا زيادة اتخاذ، وهو أنه اتخذ خاتم الذهب للزينة، فلما تتابع الناس فيه وافق وقوع تحريمه فطرحه؛ ولذلك قال: (لا ألبسه أبداً) وطرح الناس خواتيمهم تبعاً له، وصرح بالنهي عن لبس خاتم الذهب، كما تقدم في الباب قبله، ثم احتاج إلى الخاتم لأجل الختم به، فاتخذه من فضة، ونقش فيه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضاًَ في ذلك، فرمى به، حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه؛ لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به، ويشير إلى ذلك قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس، كما سيأتي قريباً في باب الخاتم في الخنصر: (إنا اتخذنا خاتماً ونقشنا فيه نقشاً، فلا ينقش عليه أحد) فلعل بعض من لم يبلغه النهي أو بعض من بلغه ممن لم يرسخ في قلبه الإيمان من منافق ونحوه، اتخذوا ونقشوا فوقع ما وقع، ويكون طرحه له غضباً ممن تشبه به في ذلك النقش.

وقد أشار إلى ذلك الكرماني مختصراً جداً.

يعني: أشار إلى أن بعض الناس اتخذوا ونقشوا وليس كل الناس.

ثم يقول: وقول الزهري في روايته: (إنه رآه في يده يوماً) لا ينافي ذلك ولا يعارضه قوله في الباب الذي بعده في رواية حميد: (سئل أنس: هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً؟ قال: أخر ليلة صلاة العشاء، إلى أن قال: فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه) فإنه يحمل على أنه رآه كذلك في تلك الليلة، واستمر في يده بقية يومها، ثم طرحه في آخر ذلك اليوم.

وأما ما أخرجه النسائي من طريق المغيرة بن زياد عن نافع عن ابن عمر: (اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب فلبسه ثلاثة أيام) فيجمع بينه وبين حديث أنس بأحد أمرين: إن قلنا: إن قول الزهري في حديث أنس: (خاتماً من ورق) سهو، وإن الصواب: (خاتماً من ذهب) فقوله: (يوماً واحداً) ظرف لرؤية أنس لا لمدة اللبس، وقول ابن عمر: (ثلاثة أيام) ظرف لمدة اللبس.

يعني: هذا أحد الوجهين اللذين أشرت إليهما من جهة أن فيه وهماً، يعني: بدل الذهب جاء فضة.

ثم قال: وإن قلنا: أن لا وهم فيها، وجمعنا بما تقدم، فمدة لبس خاتم الذهب ثلاثة أيام كما في حديث ابن عمر هذا، ومدة لبس خاتم الورق الأول كانت يوماً واحداً كما في حديث أنس، ثم لما رمى الناس الخواتيم التي نقشوها على نقشه عاد فلبس خاتم الفضة واستمر إلى أن مات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>