بملكهم بعد مائة وأربع وعشرين سنة، كانوا فيها في ملكتهم، ثم ملك من بعده أرطحشاشت ابن أخي كورش داريوش إحدى عشرة سنة وقيل اثنتين وعشرين سنة وقيل أربعين وقيل إحدى وعشرين، وكان لعهده ألياقم الكوهن الّذي داهن الكهنونية ستا وأربعين سنة. ثم ملك من بعده أرطحشاشت وتسمّى أخوش، ويقال أوغش، عشرين سنة وقيل خمسا وعشرين وقيل تسعا وعشرين، وزحف إلى مصر فملكها وهرب منها فرعون ساناق إلى مقدونيّة واسمه قصطرا، وبنى أرطحشاشت قصر الشمع وجعل فيه هيكلا وهو الّذي حاصره عمرو بن العاص وملكه. ثم ملك من بعده ابنا أرشيش بن أرطحشاشت، وقيل اسمه فارس، أربع سنين وقيل إحدى عشرة، وكان لعهده من حكماء يونان بقراط وأفلاطون ودمقراطس، ولعهده قتل بقراط على القول بالتناسخ وقيل لم يكن مذهبه وإنما ألزمه بعض تلامذته ثم شهدوا عليه وقتل مسموما قتله القضاة بمدينة أثينا. ثم ملك من بعده ابنه دارا بن أرشيش عشرين سنة وقيل ست عشرة. وقال ابن العميد عن أبي الراهب: إنّه دارا الرابع الّذي أشار إليه دانيال كما مرّ، وكان هذا الملك عظيما فيهم وتغلب على يونان، وألزمهم الوظائف التي كانت عليهم لآبائه وملكهم يومئذ الإسكندر بن فيلبس وكان عمره ست عشرة سنة، فطمع فيه دارا وطلب الضريبة فمنع وأجاب بالاغلاظ وزحف إليه فقاتله وقتله واستولى الإسكندر على ملك فارس وما وراءه انتهى كلام ابن العميد.
الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها
هذه الطبقة من ملوك الفرس يعرفون بالأشكانيّة، وكافها أقرب إلى الغين، من ولد أشكان بن دارا الأكبر، وقد مرّ ذكره، وكانوا من أعظم ملوك الطوائف عند افتراق أمر الفرس، وذلك أنّ الإسكندر لما قتل دارا الأصغر استشار معلّمه أرسطو في أمر الفرس، فأشار عليه أن يفرّق رياستهم في أهل البيوت منهم فتفترق كلمتهم ويخلص لك أمرهم، فولّى الإسكندر عظماء النواحي من الفرس والعرب والنبط والجرامقة كلّا على عمله واستبدّ كلّ بناحية واستقام له ملك فارس والمشرق. ولما مات الإسكندر قسم ملكه بين أربعة من أمرائه: فكان ملك مقدونية وأنطاكية وما إليها من ممالك