[مقتل نصير الدين جقري نائب الموصل وولاية زين الدين على كجك مكانه بالقلعة]
كان استقرّ عند الاتابك زنكي بالموصل الملك البارسلان ابن السلطان محمد ويلقب الخمفاجي وكان شبيها به وتوهم [١] السلطان ان البلاد له وأنه نائبة وينتظر وفاة السلطان مسعود فيخطب له ويملك البلد باسمه وكان يتردّد له ويسعى في خدمته فداخله بعض المفسدين في غيبة الاتابك وزين له قتل نصير الدين النائب والاستيلاء على الموصل فلما دخل اليه أغرى به أجناد الاتابك ومواليه فوثبوا به وقتلوه في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين ثم ألقوا برأسه الى أصحابه يحسبون أنهم يفترقون فاعصوصبوا واقتحموا عليه الدار ودخل عليه القاضي تاج الدين يحي ابن الشهرزوريّ فأوهمه بطاعته وأشار عليه بالصعود الى القلعة ليستولي على المال والسلاح فركب وصعد معه وتقدّم الى حافظ القلعة وأشار عليه بأن يمكنه من الدخول ثم يقبض عليه فدخل ودخل معه الذين قتلوا نصير الدين فحبسهم والي القلعة وعاد القاضي الى البلد وطار الخبر الى الاتابك زنكي بحصار البيرة فخشي اختلاف البلد وعاد الى الموصل وقدم زين الدين على ابن كجك وولاه القلعة مكان نصير الدين وأقام ينتظر الخبر وخاف الافرنج الذين بالبيرة من عودته اليهم فبعثوا الى نجم الدين صاحب ماردين وسلموها له فملكها المسلمون.
[حصار زنكي حصن جعبر وفنك]
ثم سار الاتابك زنكي سنة احدى وأربعين في المحرّم الى حصن جعبر ويسمى دوس وهو مطل على الفرات وكان لسالم بن مالك العقيلي أقطعه السلطان ملك شاه لأبيه حين أخذ منه حلب وبعث جيشا الى قلعة فنك على فرسخين من جزيرة ابن عمر فحاصروها وصاحبها يومئذ حسام الدين الكردي فحاصر قلعة جعبر حتى توسط الحال بينهما حسان المنبجي ورغبه ورهبه وقال في كلامه من يمنعك منه فقال الّذي منعك أنت من مالك بن بهرام وقد حاصر حسان منبج فأصابه في بعض الأيام سهم فقتله وأفرج عن حسان وقدر قتل الاتابك كذلك والله تعالى أعلم.
[١] بياض بالأصل، ومقتضى السياق: وتوهم ان يخدع السلطان ان البلاد له.