انحدر معز الدولة سنة خمس وخمسين إلى واسط لقتال عمران بن شاهين بالبطائح فأنفذ الجيش من هنالك مع أبي الفضل العبّاس بن الحسن، وسار إلى الأبلّة فأنفذ الجيش إلى عمان، وكان القرامطة قد استولوا عليها وهرب عنها صاحبها نافع، وبقي أمرها فوضى، فاتفق قاضيها وأهل البلد أن ينصّبوا عليهم رجلا منهم فنصّبوه، ثم قتله بعضهم فولّوا آخر من قرابة القاضي يعرف بعبد الرحمن بن أحمد بن مروان، واستكتب عليّ بن أحمد الّذي كان وصل مع القرامطة كاتبا، وحضر وقت العطاء، فاختلف الزنج والبيض في الرضا بالمساواة وبعدمها واقتتلوا، فغلب الزنج وأخرجوا عبد الوهاب واستقرّ علي بن أحمد أميرا. فلمّا جاء معزّ الدولة إلى واسط هذه السنة، قدم عليه نافع الأسود صاحب عمان مستنجدا به، فانحدر به من الأبلّة، وجهّز له المراكب لحمل العساكر، وعليهم أبو الفرج محمد بن العبّاس بن فسانجس وهي مائة قطعة، فساروا إلى عمان وملكوها تاسع ذي الحجة من سنة خمس وخمسين، وقتلوا من أهلها وأحرقوا مراكبها، وكانت تسعة وثمانين، وعاد معزّ الدولة إلى واسط، وحاصر عمران، وأقام هنالك فاعتلّ وصالح عمران وانصرف عنه.
[وفاة الوزير المهلبي]
سار الوزير المهلبي في جمادى سنة اثنتين وخمسين إلى عمان ليفتحها فاعتلّ في طريقه ورجع إلى بغداد فمات في شعبان قبل وصوله، وحمل فدفن بها لثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر من وزارته. وقبض معزّ الدولة أمواله وذخائره وصارت إليه وحواشيه، ونظر في الأمور بعده أبو الفضل العبّاس بن الحسين الشيرازي وأبو الفرج محمد بن العبّاس بن فسانجس ولم يلقّب أحد منهما بوزارة.
[وفاة معز الدولة وولاية ابنه بختيار]
ولما رجع معزّ الدولة إلى بغداد اشتدّ مرضه فعهد بالسلطنة إلى ابنه عزّ الدولة، وتصدّق وأعتق. وتوفي في ربيع من سنة ست وخمسين لاثنتين وعشرين سنة من سلطنته، وولّى ابنه عز الدولة بختيار وقد كان أوصاه بطاعة عمّه ركن الدولة، وبطاعة ابنه عضد الدولة، لأنه كان أكبر سنا، وأخبر بالسياسة ووصّاه بحاجبه