والفقهاء والأشراف وأعيان الديلم. وبعث طغرلبك للقائم وزيره أبا نصر الكندريّ وأبلغه رسالة القائم واستخلفه له وللملك الرحيم وأمراء الأجناد. ودخل طغرلبك بغداد ونزل بباب الشمّاسيّة لخمس بقين من رمضان، وجاء هنالك قريش بن بدران صاحب الموصل وكان من قبل في طاعته.
[القبض على الملك الرحيم وانقراض دولة بني بويه]
ولما نزل طغرلبك بغداد وافترق أهل عسكره في البلد يقضون بعض حاجاتهم، فوقعت بينهم وبين بعض العامّة منازعة فصاحوا بهم ورجموهم، وظنّ الناس أنّ الملك الرحيم قد اعتزم على قتال طغرلبك فتواثبوا بالغزّ من كل جهة. إلّا أهل الكرخ فإنهم سألوا [١] من وقع إليهم من الغز. وأرسل عميد الملك وزير طغرلبك عن عدنان ابن الرضي نقيب العلويّين، وكان مسكنه بالكرخ فشكره عن السلطان طغرلبك.
ودخل أعيان الديلم وأصحاب الملك الرحيم إلى دار الخلافة نفيا للتهمة عنهم.
وركب أصحاب طغرلبك فقاتلوا العامّة وهزموهم وقتلوا منهم خلقا ونهبوا سائر الدروب ودور رئيس الرؤساء وأصحابه والرصافة، ودور الخلفاء، وكان بها أموال الناس نقلت إليها للحرمة فنهب الجميع، واشتدّ البلاء وعظم الخوف وأرسل طغرلبك إلى القائم بالعتاب ونسبة ما وقع إلى الملك الرحيم والديلم، وأنهم انحرفوا، وكانوا برآء من ذلك. وتقدّم إليهم الخليفة بالحضور عند طغرلبك مع رسوله، فلمّا وصلوا إلى الخيام نهبها الغزّ ونهبوا رسل القائم معهم، ثم قبض طغرلبك على الملك الرحيم ومن معه، وبعث بالملك الرحيم إلى قلعة السيروان فحبس بها وكان ذلك لست سنين من ملكه. ونهب في تلك الهيعة قريش بن بدران صاحب الموصل، ومن معه من العرب، ونجا سليبا إلى خيمة بدر بن المهلهل، واتصل بطغرلبك خبره فأرسل إليه وخلع عليه وأعاده الى مخيّمه، وبعث القائم إلى طغرلبك بإنكار ما وقع في إخفار ذمّته في الملك الرحيم وأصحابه، وأنه يتحوّل عن بغداد فأطلق له بعضهم
[١] هكذا بالأصل وفي الكامل ج ٩ ص ٦١١: «وأقبلوا من كل حدب ينسلون يقتلون من الغزّ من وجد في محال بغداد، إلا أهل الكرخ فإنّهم لم يتعرّضوا الى الغزّ، بل جمعوهم وحفظوهم.»