للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ابن سيجور [١] صاحب خراسان فكاتبه ظاهر وأطمعه في أعمال كرمان، فسار إليه وجعله ظاهر أميرا. ثم شغب عليه بعض أصحاب ظاهر، فارتاب به مؤتمر وقاتله فظفر به وبأصحابه، وبلغ الخبر إلى الحسين بن علي بن الياس بخراسان فطمع في البلاد وسار إليها، واجتمعت عليه جموع. وكتب عضد الدولة إلى المظهر بن عبد الله وقد فرغ من أمر عمان بالمسير إلى كرمان، فسار إليه سنة أربع وستين وثلاثمائة ودوّخ البلاد في طريقه. وكبس مؤتمرا بنواحي مدينة قمّ [٢] فلحق بالمدينة وحصره فيها حتى استأمن، وخرج إليه ومعه ظاهر فقتله المظهّر وحبس مؤتمرا ببعض القلاع، وكان آخر العهد به. ثم سار إلى ابن إلياس وقاتله على باب جيرفت وأخذه أسيرا وضاع بعد ذلك خبره، ورجع المظهر ظافرا وصلّحت كرمان لعضد الدولة.

[(وفاة ركن الدولة وملك ابنه عضد الدولة)]

كان ركن الدولة ساخطا على ابنه عضد الدولة كما قدّمناه وكان ركن الدولة بالريّ فطرقه المرض سنة خمس وستين وثلاثمائة فسار إلى أصفهان، وتلطّف الوزير أبو الفتح بن العميد إليه في الرضا عن ابنه عضد الدولة، وأن يحضره ويعهد إليه، فأحضره من فارس وجمع سائر ولده. وكان ركن الدولة قد خفّ من مرضه فعمل الوزير ابن العميد بداره صنيعا وأحضرهم جميعا. فلما قضوا شأن الطعام خاطب ركن الدولة بولاية أصفهان وأعمالها نيابة عن أخيه عضد الدولة، وخلع عضد الدولة في ذلك اليوم على سائر الناس الأقبية والأكسية بزيّ الديلم. وحيّاه إخوته والقوّاد بتحيّة الملك المعتاد لهم، وأوصاهم أبوهم بالاتّفاق وخلع عليهم من الخاص، وسار عن أصفهان في رجب من السنة. ثم اشتدّ به المرض في الريّ فتوفي في محرّم سنة ست وستين وثلاثمائة لأربع وأربعين سنة من ولايته. وكان حليما كريما واسع المعروف حسن السياسة لجنده ورعيته، عادلا فيهم، متحرّيا من الظلم عفيفا عن الدماء، بعيد الهمّة عظيم الجدّ والسعادة، محسنا لأهل البيوتات، معظّما للمساجد متفقدا لها في المواسم، متفقدا أهل البيت بالبرّ والصلات، عظيم الهيبة ليّن الجانب مقرّبا للعلماء محسنا إليهم، معتقدا للصلحاء برّا بهم رحمه الله تعالى.


[١] ابن سيمجور وهو صاحب خراسان وقد مرّ معنا من قبل عدة مرات.
[٢] هي مدينة بم وليس قم.

<<  <  ج: ص:  >  >>