ملك مدينة غانة فسار سنة خمس عشرة الى الرها وحاصرها أياما فامتنعت عليه وسار جوسكين في اتباعه بعد أن جمع الافرنج وقد تفرّق عن مالك أصحابه ولم يبق معه الا اربعمائة فلحقوه في أرض رخوة قد نضب عنها الماء فوحلت فيها خيولهم ولم يقدروا على التخلص فظفر بهم أصحاب مالك وأسروهم وجعل جوسكين في إهاب جمل وخيط عليه وطلبوا منه تسليم الرها فلم يفعل وحبسه في خرت برت بعد أن بذل في فديته أموالا فلم يفادوه والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده.
[وفاة أبي الغازي [١] وملك بنيه من بعده]
ثم توفي أبو الغازي بن ارتق صاحب ماردين في رمضان سنة ست عشرة وخمسمائة فولى بعده بماردين ابنه حسام الدين تمرتاش وملك سليمان ميافارقين وكان بحلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار فاستولى عليها ثم سار مالك بن بهرام بن ارتق الى مدينة حران فحاصرها وملكها وبلغه انّ سليمان ابن عمه بعد الجبار صاحب حلب قد عجز عن مدافعة الافرنج وأعطاهم حصن الاماري فطمع في ملك بلاده وسار اليها في ربيع سنة ست عشرة وملكها من يده على الأمان ثم سار سنة ثمان عشرة الى منبج وحاصرها وملك المدينة وحبس صاحبها حسان التغلبي وامتنع أهلها بالقلعة فحاصرها وسمع الافرنج بذلك فساروا اليه فترك على القلعة من يحاصرها ونهض اليهم فهزمهم وأثخن فيهم وعاد الى منبج فحاصرها وأصابه بعض الأيام سهم غرب فقتله فاضطرب العسكر وافترقوا وخلص حسان من محبسه وكان تمرتاش بن أبي الغازي صاحب ماردين معه على منبج فلما قتل حمل شلوه الى حلب ودفنه بها واستولى عليها ثم استخلف عليها وعاد الى ماردين وجاء الافرنج الى مدينة صور فملكوها وطمعوا في غيرها من بلاد المسلمين ولحق بهم دبيس بن صدقة ناجيا من واقعته مع المسترشد فأطمعهم في ملك حلب وساروا معه فحاصروها وبنوا عليها المساكن وطال الحصار وقلت الأقوات واضطرب أهل البلد وظهر لهم العجز من صاحبهم ولم يكن في الوقت أظهر من البرسقي صاحب الموصل ولا أكثر قوّة وجمعا منه فاستدعوه ليدافع عنهم ويملكوه وشرط عليهم أن يمكنوه من القلعة قبل وصوله ونزل فيها بوابه وسار فلما أشرف على الافرنج ارتحلوا عائدين الى بلادهم وخرج أهل حلب فتلقوا البرسقي فدخل واستولى على حلب وأعمالها ولم تزل بيده الى ان هلك وملكها ابنه عز الدين ثم هلك فولى السلطان محمود عليها أتابك زنكي حسبما يأتي