للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى دقوقا في عساكر كثيرة. وكتب مجاهد الدين مهروز [١] صاحب تكريت إلى المسترشد بالخبر فتجهّز لمدافعتهم، وجمع العساكر فبلغوا اثني عشر ألف فارس، وبرز من بغداد في صفر سنة تسع عشرة وخمسمائة وفي مقدّمته برتقش الذكوي [٢] ونزل الخالص. وانتهى إلى طغرل خروج المسترشد فعدل إلى طريق خراسان ونزل جلولاء، وتفرّق أصحابه للنهب. وبرز إليه الوزير جلال الدين بن صدقة في عسكر كبير فنزل الدّسكرة، ولحقه المسترشد وكان معه. ورحل طغرل ودبيس إلى الهارونيّة.

ثم سارا إلى تامرّا ليقطعا جسر النهروان فحفظ دبيس المعابر، وتقدّم طغرل إلى بغداد وتملكها ونهبها. ثم رحل دبيس من تامرّا وأقام طغرل لحمّى أصابته، وحالت بينهما الأمطار والسيول. ثم أخذ دبيس ثقلا جاء للخليفة فيه ملبوس وطعام كثير، وكان لحقه الجوع والتعب والبرد فأخذ من ذلك الملبوس ولبسه، وأكل من الطعام كثيرا.

واستقبل الشمس فأخذه النوم ورقد. وأمّا الخليفة لمّا بلغه الخبر بأخذ الثقل رجع إلى بغداد، ففي حال سيره عثر على دبيس وهو نائم فوقف وأيقظه، فحلّ عينيه ورأى الخليفة فبادر بتقبيل الأرض على العادة، وسأل العفو، فرقّ له الخليفة وثناه الوزير ابن صدقة عن ذلك، ووقف دبيس إزاء عسكر برتقش يحادثهم. ثم مدّوا الجسر آخر النهار للعبور فتسلل دبيس عنهم، ولحق بالملك طغرل، وسار معه إلى عمه الملك سنجر، وعاثوا في أعمال همذان واتبعهم السلطان محمود فلم يظفر بهم.

(مسير دبيس الى السلطان سنجر)

لما أيس طغرل من ملك العراق عند ما سار إليه مع دبيس عاد منه، وسار هو ودبيس إلى السلطان سنجر، وهو يومئذ صاحب خراسان، والمتقدّم على بني ملك شاه، فشكى إليه طغرل ودبيس من المسترشد، وبرتقش الشحنة، ووعدهم النصفة منهم.

ثم داخله دبيس وأطمعه في ملك العراق. وخيّل له أن المسترشد والسلطان محمود متفقان على مباعدته، ولم يزل يفتل له في الذروة والغارب [٣] حتى حرّك حفيظته


[١] مجاهد الدين بهروز: ابن الأثير ج ١٠ ص ٦٢٦.
[٢] يرنقش الزكوي: ابن الأثير ج ١٠ ص ٦٢٦.
[٣] هذا مثل سائر، يقال لمن يبالغ في القول بغية الاقناع.

<<  <  ج: ص:  >  >>