يقبل من الهدية إلا ما يدخل في الكيس، فبعث الناس بهداياهم وكانوا يمطلون بالخراج. فلما حضر النجم الأوّل والثاني وشكوا الضيق في الثالث أحضر الهدايا وحسبها لأربابها واستوفى خراج مصر ورجع إلى بغداد.
[الفتنة بدمشق]
وفي هذه السنة هاجت الفتنة بدمشق بين المضرية واليمانية ورأس المضريّة أبو الهيدام عامر بن عمارة من ولد خارجة بن سنان بن أبي حارثة المرّيّ، وكان أصل الفتنة بين القيس وبين اليمانية أنّ اليمانية قتلوا منهم رجلا فاجتمعوا لثأره، وكان على دمشق عبد الصّمد بن علي فجمع كبار العشائر ليصلحوا بينهم فأمهلتهم اليمانية وبيتوا المضريّة فقتلوا منهم ثلاثمائة أو ضعفها، فاستجاشوا بقبائل قضاعة وسليم فلم ينجدوهم وأنجدتهم قيس، وساروا معهم إلى البلقاء فقتلوا من اليمانية ثمانمائة وطال الحرب بينهم. وعزل عبد الصّمد عن دمشق وولّى مكانه إبراهيم بن صالح بن عليّ. ثم اصطلحوا بعد سنين ووفد إبراهيم على الرشيد وكان هواه مع اليمانية فوقع في قيس عند الرشيد واعتذر عنهم عبد الواحد بن بشر واستخلف إبراهيم على دمشق ابنه إسحاق فحبس جماعة من قيس وضربهم. ثم وثبت غسّان برجل من ولد قيس بن العبسيّ فقتلوه، واستنجد أخوه بالدواقيل من حوران فأنجدوه وقتلوا من اليمانية نفرا. ثم وثبت اليمانية بكليب بن عمر بن الجنيد بن عبد الرحمن وعنده ضيف له فقتلوهم، فجاءت أمّ الغلام سابّة إلى أبي الهيدام، فقال انظريني حتى ترفع دماؤنا إلى الأمير، فإن نظر فيها وإلا فأمير المؤمنين ينظر فيها. وبلغ ذلك إسحاق وحضر عنده أبو الهيدام فلم يأذن له ثم قتل بعض الدواقيل رجلا من اليمانية وقتلت اليمانية رجلا من سليم ونهبوا جيران محارب، وركب أبو الهيدام معهم إلى إسحاق فوعده بالنظر لهم، وبعث إلى اليمانية يغريهم به فاجتمعوا وأتوا إلى باب الجابية فخرج إليهم أبو الهيدام وهزمهم واستولى على دمشق وفتح السجون. ثم اجتمعت اليمانيّة واستنجدوا كلبا وغيرهم فاستمدّوهم، واستجاش أبو الهيدام المضريّة فجاءوه وهو يقاتل اليمانية عند باب توما فهزمهم أربع مرّات. ثم أمره إسحاق بالكفّ وبعث إلى اليمانيّة يخبرهم بغرّته، وجاء الخبر وركب وقاتلهم فهزمهم، ثم هزمهم أخرى على باب توما. ثم جمعت اليمانيّة أهل الأردنّ والجولان من كلب وغيرهم فأرسل من يأتيه بالخبر فأبطئوا ودخل المدينة فأرسل إسحاق من دلّهم على مكمنه وأمرهم بالعبور إلى