هو يحاصر بعض الحصون اجتمع الافرنج وزحفوا اليه فلقيهم وحاربهم وأبلى في ذلك الموقف فهزم الافرنج وقتل البرنس صاحب انطاكية وكان من عتاة الافرنج وملك بعده ابنه سمند طفلا وتزوّجت أمّه برنس آخر يكفل ولدها ويدبر ملكها فغزاه نور الدين ولقوة فهزمهم وأسر ذلك البرنس الثاني وتمكن الطفل سمند من ملكه بأنطاكية ثم سار نور الدين سنة خمس وأربعين الى حصن افاميا بين شيزر وحماة وهو من أحسن القلاع فحاصروه وملكه وشحنه حامية وسلاحا واقواتا ولم يفرغ من أمره الا والإفرنج الّذي بالشام جمعوا وزحفوا اليه وبلغهم الخبر فخاموا عن اللقاء وصالحوه في للهادنة فعقد لهم انتهى.
[هزيمة نور الدين جوسكين وأسر جوسكين]
ثم جمع نور الدين بعد ذلك وسار غازيا إلى بلاد زعيم الإفرنج وهي تل باشر وعنتاب وعذار وغيرها من حصون شمالي حلب فجمع جوسكين لمدافعته عنها ولقيه فاقتتلوا ومحص الله المسلمين واستشهد كثير منهم وأسر آخرون وفيهم صاحب صلاح نور الدين فبعثه جوسكين إلى الملك مسعود بن قليج أرسلان يعيره به لمكان صهره نور الدين على ابنته فعظم ذلك عليه وأعمل الحيلة في جوسكين وبذل المال لأحياء التركمان البادين بضواحيه أن يحتالوا في القبض عليه ففعلوا وظفر به بعضهم فشاركهم في إطلاقه على مال وبعث من يأتي به وشعر بذلك وإلى حلب أبو بكر بن الرامة فبعث عسكرا ليسوا من ذلك الحيّ جاءوا بجوسكين أسيرا إلى حلب وثار نور الدين إلى القلاع فملكها وهي تل باشر وعنتاب وعذار وتل خالد وقورص وداوندار ومرج الرصاص وحصن النادة وكفرشود وكفرلات ودلوكا ومرعش ونهر الجود وشحنها بالأقوات وزحف إليه الإفرنج ليدافعوه فلقيهم على حصن جلدك وانهزم الإفرنج وأثخن المسلمون فيهم بالقتل والأسر ورجع نور الدين إلى دلوكا ففتحها وتأخر فتح تل باشر منها إلى أن ملك نور الدين دمشق واستأمنوا إليه وبعث إليهم حسان المنبجي فتسلمها منهم وحصنها وذلك في سنة تسع وأربعين وخمسمائة والله سبحانه وتعالى أعلم.
[استيلاء نور الدين على دمشق]
كان الإفرنج سنة ثمان وأربعين قد ملكوا عسقلان من يد العلوية خلفاء مصر واعترضت دمشق بين نور الدين وبينهما فلم يجد سبيلا إلى المدافعة عنها واستطال الإفرنج على دمشق