يعيد نور الدين على قطب الدين قلعة تل أعفر التي أخذها له فتمّ ذلك سنة إحدى وستمائة وعاد إلى بلده والله تعالى أعلم.
[وصول الإفرنج إلى الشام والصلح معهم]
ولما ملك الإفرنج القسطنطينية من يد الروم سنة إحدى وستمائة تكالبوا على البلاد ووصل جمع منهم إلى الشام وأرسوا بعكا عازمين على ارتجاع القدس من المسلمين ثم ساروا في نواحي الأردن فاكتسحوها وكان العادل بدمشق استنفر العساكر من الشام ومصر وسار فنزل بالطور قريبا من عكا لمدافعتهم وهم قبالته بمرج عكا وساروا إلى كفركنا فاستباحوه ثم انقضت سنة إحدى وستمائة وتراسلوا في المهادنة على أن ينزل لهم العادل عن كثير من مناصف الرملة وغيرها ويعطيهم [١] وغيرها وتمّ ذلك بينهم وسار العادل إلى مصر فقصد الإفرنج حماة وقاتلهم صاحبها ناصر الدين محمد فهزموه وأقاموا أياما عليها ثم رجعوا والله تعالى أعلم.
[غارة ابن ليون على أعمال حلب]
قد تقدّم لنا ذكر ابن ليون ملك الأرمن وصاحب الدروب فأغار سنة اثنتين وستمائة على أعمال حلب واكتسحها واتصل ذلك منه فجمع الظاهر غازي صاحب حلب ونزل على خمسة فراسخ من حلب وفي مقدمته ميمون القصري من موالي أبيه منسوبا إلى قصر الخلفاء بمصر ومنه كان أبوه وكان الطريق إلى بلاد الأرمن متعذرا من حلب لتوعر الجبال وصعوبة المضايق وكان ابن ليون قد نزل في طرف بلاده لما يلي حلب ومن ثغورها قلعة دربساك فخشي الظاهر عليها منه وبعث اليها مددا وأمر ميمون القصري أن يشيعه بطائفة من عسكره ففعل وبقي في خف الجند ووصل خبره الى ابن ليون فكبس القصري ونال منه ومن المسلمين وانهزموا أمامه فظفر بمخلفهم ورجع فلقي في طريقه المدد الّذي بعث الى دربساك فهزمهم وظفر بما كان معهم وعاد الأرمن الى بلادهم فاعتصموا بحصونهم والله تعالى أعلم.
[١] بياض بالأصل، وفي الكامل ج ١٢ ص ٣٢١: وكان الملك العادل أبو بكر بن أيوب بمصر فسار منها إلى الشام فوصل إلى الرملة ومنها إلى لد، وبرز الفرنج من عكا ليقصدوه. (ويذكر ابن الأثير هذه الحادثة سنة ٦١٤) .