فاستولى أهل مالي على ما وراءهم وبين أيديهم من بلاد صوصو وكوكو وآخر ما استولوا عليه بلاد التكرور واستفحل ملكهم إلى الغاية وأصبحت مدينتهم بني حاضرة بلاد السودان بالمغرب ودخلوا في دين الإسلام منذ حين من السنين وحج جماعة من ملوكهم وأوّل من حج منهم برمندار وسمعت في ضبطه من بعض فضلائهم برمند أنه وسبيله في الحج هي التي اقتفاها ملوكهم من بعده ثم حج منهم منسا ولي بن ماري جاطة أيام الظاهر بيبرس وحج بعده منهم مولاهم صاكوره وكان تغلب على ملكهم وهو الّذي افتتح مدينة كوكو ثم حج أيام الناصر وحج من بعده منهم منسا موسى حسبما ذلك مذكور في أخبارهم عند دول البربر عند ذكر صنهاجة ودولة لمتونة من شعوبهم ولما خرج منسا موسى من بلاد المغرب للحج سلك على طريق الصحراء وخرج عند الأهرام بمصر وأهدى إلى الناصر هدية حفيلة يقال أنّ فيها خمسين ألف دينار وأنزله بقصر عند القرافة الكبرى وأقطعه إياها ولقيه السلطان بمجلسه وحدثه ووصله وزوّده وقرب إليه الخيل والهجن وبعث معه الأمراء يقومون بخدمته إلى أن قضى فرضه سنة أربع وعشرين ورجع فأصابته في طريقه بالحجاز نكبة تخلصه منها أجله وذلك أنه ضل في الطريق عن المحمل والركب وانفرد بقومه عن العرب وهي كلها مجاهل لهم فلم يهتدوا إلى عمران ولا وقفوا على مورد وساروا على السمت إلى أن نفذوا عند السويس وهم يأكلون لحم الحيتان إذا وجدوها والأعراب تتخطفهم من أطرافهم إلى أن خلصوا ثم جدّد السلطان له الكرامة ووسع له في الحباء وكان أعدّ لنفقته من بلاده فيما يقال مائة حمل من التبر في كل حمل ثلاثة قناطير فنفدت كلها وأعجزته النفقة فاقترض من أعيان التجار وكان في صحبته منهم بنو الكويك فاقرضوه خمسين ألف دينار واتباع منهم القصر الّذي أقطعه السلطان وأمضى له ذلك وبعث سراج الدين بن الكويك معه وزيره يرد له منه ما أقرضه من المال فهلك هنالك وأتبعه سراج الدين آخرا بابنه فمات هنالك وجاء ابنه فخر الدين أبو جعفر بالبعض وهلك منسا موسى قبل وفاته فلم يظفروا منه بشيء انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم.
[أنجاد المجاهد ملك اليمن]
قد تقدّم لنا استبداد علي بن رسول فملك بعد مهلك سيده يوسف أتسز بن الكامل بن العادل بن أيوب ويلقب المسعود وكان علي بن رسول أستاذ داره ومستوليا على دولته فلما هلك سنة ست وعشرين وستمائة نصب ابن رسول ابنه موسى الأشرف لملكه وكفله قريبا