للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الخبر عن بني خراسان من صنهاجة الثوار بتونس على آل باديس عند اضطراب افريقية بالعرب ومبدإ أمرهم ومصاير أحوالهم)]

لما تغلّب العرب على القيروان وأسلم المعزّ وتحوّل إلى المهدية، اضطرمت إفريقية نارا. واقتسمت العرب البلاد عمالات، وامتنع كثير من البلاد على ملوك آل باديس مثل أهل سوسة وصفاقس وقابس، وصارت صاغية أهل إفريقية إلى بني حمّاد ملوك القلعة وملكو القيروان، كما تقدّم. وانقطعت تونس عن ملك المعز، ووفد مشيختها على الناصر بن علناس، فولّى عليهم عبد الحق بن عبد العزيز بن خراسان، يقال إنه من أهل تونس، والأظهر أنه من قبائل صنهاجة، فقام بأمرهم وشاركهم في أمره وتودّد إليهم وأحسن السيرة فيهم. وصالح العرب أهل الضاحية على أتاوة معلومة لكفّ عاديتهم. وزحف تميم بن المعزّ من المهدية إليه سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في جموعه، ومعه يبقى بن على أمير زغبة، فحاصر تونس أربعة أشهر، إلى أن صالحه ابن خراسان واستقام على طاعته فأفرج عنه.

ولم يزل قائما بأمره إلى أن هلك سنة ثمان وثمانين وأربعمائة فولي ابنه أحمد بن عبد العزيز بن عبد الحق فقتل عمه إسماعيل بن عبد الحق لمكان ترشه، وغرّبه أبو بكر إلى أن برزت فأقام بها خوفا على نفسه. ونزع أحمد إلى التخلّق بسير الملك، والخروج عن سيرة المشيخة، واشتدّت وطأته، وكان من مشاهير رؤساء بني خراسان هؤلاء، فاستبدّ بتونس لأوّل المائة السادسة، وضبطها وبنى أسوارها. وعامل العرب على إصلاح سابلتها فصلحت حاله، وبنى قصور بني خراسان. وكان مجالسا للعلماء محبا فيهم ونازلة علي بن يحيى بن العزيز بن تميم سنة عشر وخمسمائة وضيّق عليه، ودافعه [١] بأسعاف غرضه فأفرج عنه. ثم نازلة عساكر العزيز بن منصور صاحب بجاية فعاد إلى طاعته سنة أربعة عشر وخمسمائة ولم يزل واليا على تونس إلى أن نهض سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة مطرف بن علي بن حمدون قائد يحيى بن العزيز من


[١] وفي النسخة الباريسية: ووافقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>