صلاح الدين لفتنتهم مع عمهم العادل فتجهز نور الدين ارسلان شاه صاحب الموصل وسار أوّل شعبان سنة خمس وتسعين وانتهى إلى دبيس فأقام بها ولحق به ابن عمه قطب الدين محمد بن زنكي صاحب سنجار وابن عمه الآخر سنجر شاه بن غازي صاحب جزيرة ابن عمر حتى إذا انقضى عيد الفطر ارتحلوا وتقدّموا الى مزاحمة الكامل على ماردين وكان أهل ماردين خلال ذلك قد ضاق مخنقهم وجهدهم الحصار وبعث النظام المستولى على دولة صاحبها الى الكامل يراوده في الصلح وتسليم القلعة له الى أجل سماه على أن يبيح لهم ما يقوّتهم من الميرة فأسعفهم بذلك وبينما هم في ذلك جاءهم خبر العساكر فامتنعوا وزحف الكامل مهزوما الى معسكره بالربض فخرج أهل القلعة اليهم وقاتلوهم الى المساء ثم أجفل الكامل من ليلته منتصف شوّال وعاد الى بلاده ونهبت أهل القلعة مخلفه وخرج صاحب ماردين وهو بولو ارسلان ابن أبي الغازي فلقي نور الدين وشكره وعاد الى حصنه ورجع نور الدين وأصحابه الى تستر ثم سار منها الى رأس عين فقدم عليها هنالك رسول الظاهر بن صلاح الدين من حلب يطلب له منه السكة والخطبة فوجم لذلك وثنى عزمه عن مظاهرتهم ثم طرقه المرض فبعث اليهم بالعذر وعاد الى الموصل في ذي الحجة آخر السنة والله تعالى أعلم.
مسير نور الدين صاحب الموصل الى بلاد العادل بالجزيرة
ثم انّ الملك العادل ملك مصر سنة ست وتسعين من يد الأفضل ابن أخيه فخشيه الظاهر صاحب حلب وصاحب ماردين وراسلوا نور الدين صاحب الموصل في الاتفاق وأن يسير الى بلاد العادل بالجزيرة حران والرها والرقة وسنجار فسار نور الدين لملكها في شعبان سنة سبع وتسعين وسار معه ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار وحسام الدين صاحب ماردين وانتهوا الى رأس عين وكان بحران الفائز بن العادل في عسكر فأرسل الى نور الدين في الصلح فبادر الى الاجابة لما وقع في عسكره من الموتان واستحلفهم وحلف لهم وبعثوا الى العادل فحلف وعاد نور الدين الى الموصل في ذي القعدة من السنة والله تعالى أعلم.
[هزيمة نور الدين صاحب الموصل أمام عسكر العادل]
لم يزل الملك العادل يراسل قطب الدين صاحب سنجار ويستميله الى أن خطب له في أعماله سنة ستمائة فسار نور الدين صاحب الموصل الى نصيبين من أعمال قطب الدين فحاصرها