وأصبحوا نهبا في أيدي العساكر بين القتل والأسر والسبي ثم سار الى مصر وأطلق كيقومن من ملك الأرمن وصالحه على بلده ولم يزل مقيما الى أن بعث أبوه في فدائه وبذل فيه الأموال والقلاع فأبى الظاهر من ذلك وشرط عليه خلاص الأمراء الذين أخذهم هلاكو من سجن حلب وهم سنقر الأشقر وأصحابه فبعث فيهم تكفر الى هلاكو فبعث بهم اليه وبعث الظاهر بابنه منتصف شوّال وتسلم القلاع التي بذلت في فدائه وكانت من أعظم القلاع وأحصنها منها مرزبان ورعبان وقدم سنقر الأشقر على الظاهر بدمشق وأصبح معه في الموكب ولم يكن أحد علم بأمره وأعظم اليه السلطان النعمة ورفع الرتبة ورعى له السابقة والصحبة وتوفي هيثوم سنة ستين بعدها والله تعالى ينصر من يشاء من عباده.
كان الظاهر عند ما رجع من غزاة طرابلس الى مصر أمر بتجديد الجامع الأزهر واقامة الخطبة به وكان معطلا منها منذ مائة سنة وهو أوّل مسجد أسسه الشيعة بالقاهرة حين اختطوها ثم خرج الى دمشق لخبر بلغه عن التتر ولم يثبت فسار من هنالك الى صفد وكان أمر عند مسيره بعمارتها وبلغه اغارة أهل الشقيف على الثغور فقصدها وشنّ الغارة على عكا واكتسح بسائطها حتى سأل الأفرنج منه الصلح على ما يرضيه فشرط المقاسمة في صيدا وهدم الشقيف واطلاق تجار من المسلمين كانوا أسروهم ودية بعض القتلى الّذي أصابوا دمه وعقد الصلح لعشر سنين ولم يوفوا بما شرط عليهم فنهض لغزوهم ونزل فلسطين في جمادى سنة ست وستين وسرّح العساكر لحصار الشقيف ثم بلغه مهلك صاحب يافا من الافرنج وملك ابنه مكانه وجاءت رسله اليه في طلب الموادعة فحبسهم وصبح البلد فاقتحمها ولجأ أهلها الى القلعة فاستنزلهم بالأمان وهدمها وكان أوّل من اختط مدينة يافا هذه صنكل من ملوك الافرنج عند ما ملكوا سواحل الشام سنة ثلاث وتسعين واربعمائة ثم مدنها وأتم عمارتها ريد افرنس المأسور على دمياط عند ما خلص من محبسه بدار بن لقمان ثم رجع الى حصن الشقيف فحاصره وافتتحه بالأمان وبث العساكر في نواحي طرابلس فاكتسحوها وخربوا عمرانها وكنائسها وبادر صاحب طرطوس بطاعة السلطان وبعث الى العساكر بالميرة وأطلق الأسرى الذين عنده ثلاثمائة أو يزيدون ثم ارتحل السلطان الى حمص وحماة يريد انطاكية