للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطّاب والقعقاع بن عمرو والمثنى بن حارثة وعيينة بن الشماس فكانوا في الثغور وأمرهم بالغارة، فمخروا السواد كله إلى شاطئ دجلة، وكتب إلى ملوك فارس:

«أما بعد فالحمد الله الّذي حل نظامكم ووهن كيدكم وفرّق كلمتكم ولو لم نفعل ذلك كان شرا لكم فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم ونجوزكم إلى غيركم وإلّا كان ذلك وأنتم كارهون على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة» . وكتب إلى المرازبة: «أما بعد فالحمد الله الّذي فض حدّتكم وفرق كلمتكم وجفل حرمكم وكسر شوكتم فأسلموا تسلموا وإلا فاعتقدوا مني الذمة وأدّوا الجزية وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون شرب الخمر» انتهى.

وكان العجم مختلفين بموت أردشير وقد أزالوا بهمن حاذويه فيمن سيره في العساكر، فجبى خالد خراج السواد في خمسين ليلة، وغلب العجم عليه، وأقام بالحيرة سنة يصعد ويصوب، والفرس حائرون فيمن يملكونه ولم يجدوا من يجتمعون عليه لأن سيرين كان قتل جميع من تناسب إلى بهرام جور. فلما وصل كتاب خالد تكلم نساء آل كسرى وولوا الفرّخزاد بن البندوان إلى أن يجدوا من يجتمعون عليه، ووصل جرير ابن عبد الله البجلي إلى خالد بعد فتح الحيرة، وكان مع خالد بن سعيد بن العاص بالشام، ثم قدم على أبي بكر فكلمه أن يجمع له قومه كما وعده النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا أوزاعا [١] متفرقين في العرب، فسخط ذلك منه أبو بكر فقال:

تكلمني [٢] بما لا يعني وأنت ترى ما نحن فيه من فارس والروم. وأمره بالمسير إلى خالد فقدم عليه بعد فتح الحيرة.

فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

ثم سار خالد على تعبيته إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس، وكان بالأنبار شيرزاد صاحب ساباط فحاصرهم ورشقوهم بالنبال حتى فقئوا منهم ألف عين. ثم نحر ضعاف الإبل وألقاها في الخندق حتى ردمه بها وجاز هو وأصحابه فوقها،


[١] الجماعات ولا واحد لها (قاموس) .
[٢] وفي النسخة الباريسية: تكلفني.

<<  <  ج: ص:  >  >>