للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكرمتهم واتحافهم، فانتهوا من ذلك إلى الغاية، وانقلبوا إلى حضرته آخر جمادى، وانصرفوا إلى ملكهم [١] بالحديث عن شأن رسالتهم وكرامة وفدهم.

ثم أعاد ملوكهم مراسلة السلطان سنة خمس وسبعمائة بعدها، فوفد أبو عبد الله بن أكمازير من تونس وعيّاد بن سعيد من بجاية. وأوفد السلطان على صاحب تونس مع رسوله صاحب الفتيا بحضرته الفقيه أبا الحسن التونسي [٢] وعليّ بن يحيى البركشي رسولين يسألان المدد بأسطوله، فقضوا رسالتهم وانقلبوا سنة خمس وسبعمائة. ووصل بخبرها أبو عبد الله المزدوري من مشيخة الموحدين، واقترن بذلك وصول حسّون بن محمد بن حسّون المكناسي من صنائع السلطان، كما أوفده مع ابن عثيمن على مراسلة الأمير أبي البقاء خالد صاحب بجاية في طلب الأسطول أيضا، فرجعوه بالمعاذير.

وأوفدوا معه عبد الله بن عبد الحق بن سليمان فتلقّاهم السلطان بالمبرّة، وأوعز إلى عامله بوهران أن يستبلغ في تكريم عمرة الأسطول، فجرى في ذلك على مذهبه وانقلبوا جميعا أحسن منقلب. وغنى السلطان عن أسطولهم لفوات وقت الحاجة إليه من منازلة بلاد السواحل إذ كان قد تملّكها أيام مما طلتهم ببيعته. واتصل الخبر بصاحب تلمسان الأمير أبي زيان بن عثمان المبايع أيام الحصار عند مهلك أبيه عثمان بن يغمراسن آخر سنة ثلاث وسبعمائة فبلغه صنيع الموحدين في موالاة عدوه السلطان يوسف بن يعقوب ومظاهرته بأساطيلهم عليه، فأسفهم ذلك وأخرسوا منابرهم عما كانت تنطق به من الدعاء من عهد يغمراسن، فلم يراجعوا دعوتهم من بعد، وهلك السلطان على نفيئة ذلك، والبقاء للَّه وحده.

[الخبر عن مراسلة ملوك المشرق الأقصى ومهاداتهم ووقادة أمراء الترك على السلطان وما تخلل ذلك]

لما استولى السلطان على المغرب الأوسط بممالكه وأعماله، وهنأته ملوك الأقطار وأعراب الضواحي والقفار، وصلحت السابلة ومشت الرفاق إلى الآفاق، واستجد أهل المغرب عزما في قضاء فرضهم، ورغبوا من السلطان إذنه لركب الحاج في السفر إلى


[١] وفي نسخة ثانية: ملوكهم.
[٢] وفي نسخة ثانية: التنسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>