ولما افترق شمل جماعة قرطبة وتغلّب البرابرة على الأمر، وكان عليّ بن حمود وأخوه قاسم من عقب إدريس قد أجازوا معهم من العدوة فدعوا لأنفسهم وتعصب معهم الكثير من البربر، وملكوا قرطبة سنة سبع وأربعمائة، وقتلوا المستعين ومحوا ملك بني أمية، واتصل ذلك في خلق منهم سبع سنين. ثم رجع الملك في بني أمية وفي ولد الناصر نحوا من سبع سنين. ثم خرج عنهم وافترق الأمر في رؤساء الدولة من العرب والموالي والبربر، واقتسموا الأندلس ممالك ودولا وتلقبوا بألقاب الخلفاء كما نذكر ذلك كله مستوفى في أخبارهم.
[(عود الملك إلى بني أمية وأولاد المستظهر)]
لما قطع أهل قرطبة دعوة المحموديّين بعد سبع من ملكهم، وزحف إليهم قاسم بن حمود في جموع من البربر فهزمهم أهل قرطبة، ثم اجتمعوا واتفقوا على ردّ الأمر إلى بني أمية، واختاروا لذلك عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار أخا المهدي، وبايعوه في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة، ولقبوه المستظهر. وقام بأمره المستكفي ثم ثار على المستظهر لشهرين من خلافته محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر أمير المؤمنين. كان المنصور بن أبي عامر قتل أباه عبد الرحمن لسعيه في الخلاف، فثار الآن محمد هذا وتبعه الغوغاء، وفتك بالمستظهر واستقلّ بأمر قرطبة وتلقب بالمستكفي.
(عود الأمر الى بني حمود)
وبعد ستة عشر شهرا من بيعة المستكفي رجع الأمر إلى يحيى بن علي بن حمود، وهو المعتلي كما يذكر في أخبارهم، وفرّ المستكفي إلى ناحية الثغر ومات في مفرّه