للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل عليه القيروان، وأمّنه تمام على أن يخرج عن إفريقية، فسار محمد إلى طرابلس، وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن الأغلب بمكانه من الزاب فانتقض لمحمد، وسار بجموعه إلى القيروان وهرب تمام بين يديه إلى تونس، وملك القيروان واستقدم محمد بن مقاتل من طرابلس، وأعاده إلى إمارته بالقيروان آخر ثلاث وثمانين، وزحف تمام لقتالهم فخرج إليه إبراهيم بن الأغلب بأصحابه فهزمه، وسار في اتباعه إلى تونس. واستأمن له تمام فأمّنه وجاء به إلى القيروان وبعث به إلى بغداد فاعتقله الرشيد.

[(إبراهيم بن الأغلب)]

ولما استوثق الأمر لمحمد بن مقاتل كره أهل البلاد ولايته، وداخلوا إبراهيم بن الأغلب في أن يطلب من الرشيد الولاية عليهم، فكتب إبراهيم إلى الرشيد في ذلك على أن يترك المائة ألف دينار التي كانت من مصر إلى إفريقية، وعلى أن يحمل هو من إفريقية أربعين ألفا. وبلغ الرشيد غناؤه في ذلك واستشار فيه أصحابه فأشار هرثمة بولايته، فكتب له بالعهد إلى إفريقية منتصف أربع وثمانين فقام إبراهيم بالولاية، وضبط الأمور وقفل ابن مقاتل إلى المشرق، وسكنت البلاد بولاية ابن الأغلب، وابتنى مدينة العبّاسيّة قرب القيروان، وانتقل إليها بجملته. وخرج عليه سنة ست وثمانين بتونس حمديس من رجالات العرب، ونزع السواد، فسرّح إليه ابن الأغلب عمران بن مجالد في العساكر فقاتله وانهزم حمديس، وقتل من أصحابه نحو عشرة آلاف. ثم صرف همّه إلى تمهيد المغرب الأقصى، وقد ظهر فيه دعوة العلويّة بإدريس بن عبد الله. وتوفي ونصّب البرابرة ابنه الأصغر، وقام مولاه راشد بكفالته.

وكبر إدريس واستفحل أمره براشد، فلم يزل إبراهيم يدسّ إلى البربر ويسرّب فيهم الأموال حتى قتل راشد وسيق رأسه إليه. ثم قام بأمر إدريس بعده بهلول بن عبد الرحمن المظفّر من رءوس البربر فاستفحل أمره، فلم يزل إبراهيم يتلطّفه ويستميله بالكتب والهدايا، الى أن انحرف عن دعوة الأدارسة إلى دعوة العبّاسيّة فصالحه إدريس، وكتب إليه يستعطفه بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم فكفّ عنه. ثم خالف أهل طرابلس على إبراهيم بن الأغلب سنة تسع وثمانين، وثاروا

<<  <  ج: ص:  >  >>