قد كنا قدّمنا أن الناصري ولى كمشيقا رأس نوبة نيابة حلب ولما استقل منطاش بالدولة ارتاب ودعاه بذلار لما ثار بدمشق الى الوفاق فامتنع ثم بلغه الخبر بخلاص السلطان من الاعتقال بالكرك فأظهر الانتقاض وقام بدعوة السلطان وخالفه إبراهيم بن أمير جندار واعصوصب عليه أهل باقوسا من أرباض حلب فقاتلهم كمشيقا جميعا وهزمهم وقتل القاضي ابن أبي الرضا وكان معه في ذلك الخلاف واستقل بأمر حلب وذلك في شوّال من السنة ثم بلغه أن السلطان هزم عساكر دمشق وابن باكيش وانه مقيم بقبة بلبغبا محاصرا لدمشق بعد ان نهبوا أثقاله وأخرجوه من الميدان فتجهز من حلب اليه في العساكر والحشود وجهز له جميع ما يحتاج اليه من المال والأقمشة والسلاح والخيل والإبل وخيام الملك بفرشها وما عونها وآلات الحصار وتلقاه السلطان وبالغ في تكرمته وفوض اليه في الاتابكية والمشورة وقام معه محاصرا لدمشق واشتدّ الحصار على أهل دمشق بعد وصوله واستكثار السلطان من المقاتلة وآلات الحصار وخرب كثيرا من جوانبها بحجارة المجانيق وتصدّعت حيطانها وأضرم كثيرا من البيوت على أربابها فاحترقت واستولى الخراب والحريق على القبيبات أجمع وتفاحش فيها واشتدّ أهل القتال والدفاع من فوق الأسوار وتولى كبر ذلك منهم قاضي الشافعية أحمد بن القرشي بما أشار عليهم وفاه أهل العلم والدين بالنكير فيه وكان منطاش لما بلغه حصار دمشق بعث طنبقا الحلي دوادار الأشرف بمدد من المال يمدّ به العساكر هنالك وأقام معهم ثم بعث جنتمر الى أمير آل فضل يعبر بن جبار يستنجد به فجاء لقتالهم وسار كمشيقا نائب حلب فلقيه وفض جموعه وأسر خادمه وجاء به أسيرا فمن عليه السلطان وأطلقه وكساه وحمله وردّه الى صاحبه واستمرّ حصار دمشق الى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى.
[ثورة انيال بصفد بدعوة السلطان]
كان انيال لما انهزم يوم واقعة دمشق فرّ الى مصر ومرّ بغزة فاعتقله ابن باكيش وحبس بالكرك فلما استولى الناصري أشخصه الى صفد فحبس بها مع جماعة من الأمراء وولى على صفد قلطبك النظامي فاستخدم جماعة من مماليك برقوق واتخذ منهم بلبغا السالمي دوادار فلما بلغه خلاص السلطان من الاعتقال ومسيره الى الشام داخل بلبغا مماليك استاذه قطلوبقا في