للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسف يشتريك بكذا فاضمنها إلي قبل أن أدفعك إليه. فقال: ما عهدت العرب تباع! والله لو سألتني عودا ما ضمنته. فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذابا شديدا وهو لا يكلمه. ثم حمله إلى الكوفة فاشتدّ في عذابه ثم قتله ودفنه في عباءة يقال: إنه قتله بشيء وضعه على وجهه. وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه. وذلك في المحرّم سنة ستة وعشرين ومائة.

[مقتل الوليد وبيعة يزيد]

ولما ولي الوليد لم يقلع عما كان عليه من الهوى والمجون. حتى نسب إليه في ذلك كثير من الشنائع مثل رمية المصحف بالسهام حين استفتح فوقع على قوله: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ١٤: ١٥ وينشدون له في ذلك بيتين تركتهما لشناعة مغزاهما [١] . ولقد ساءت القالة فيه كثيرا، وكثير من الناس نفوا ذلك عنه وقالوا: إنها من شناعات الأعداء الصقوها به. قال المدائني: دخل ابن الغمر بن يزيد على الرشيد فسأله: ممن أنت؟

فقال: من قريش. قال: من أيها؟ فوجم، فقال: قل وأنت آمن ولو أنّك مروان فقال: أنا ابن الغمر بن يزيد. فقال: رحم الله الوليد ولعن يزيد الناقص، فإنه قتل خليفة مجمعا عليه، ارفع حوائجك فرفعها وقضاها. وقال شبيب بن شبّة:

كنا جلوسا عند المهدي فذكر الوليد فقال المهدي: كان زنديقا فقام ابن علانة الفقيه [٢] فقال: يا أمير المؤمنين إنّ الله عزّ وجلّ أعدل من أن يولي خلافة النبوّة وأمر الأمّة زنديقا لقد أخبرني عنه من كان يشهده في ملاعبة وشربه ويراه في طهارته وصلاته فكان إذا حضرت الصلاة يطرح الثياب التي عليه المصيبة المصبغة. ثم يتوضأ فيحسن الوضوء ويؤتى بثياب بيض نظيفة فيلبسها ويشتغل بربه. أترى هذا فعل من لا يؤمن باللَّه؟ فقال المهدي: بارك الله عليك يا ابن علانة، وإنما كان الرجل محسودا في خلاله ومزاحما بكبار عشيرة بيته من بني عمومته مع لهو كان يصاحبه، أوجد لهم به السبيل على نفسه. وكان من خلاله قرض الشعر الوثيق ونظم الكلام


[١]
تهددني بجبار عنيد ... فها انا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشد ... فقل: يا رب خزقني الوليد
[٢] وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٢٩١: ابو علانة الفقيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>