للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اقطاع الموصل للبرسقي وميافارقين لابي الغازي]

ثم أقطع السلطان محمود الموصل وأعمالها، والجزيرة وسنجار وما يضاف إلى ذلك للأمير آق سنقر البرسقي شحنة بغداد، وذلك أنه كان ملازما للسلطان في حروبه ناصحا له وهو الّذي حمل السلطان مسعودا على طاعة أخيه محمود وأحضره عنده، فلما حضر حيوس بك وزيره عند السلطان محمود من الموصل بقيت بدون أمير، فولّى عليها البرسقي سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأمره بمجاهدة الفرنج فأقام في إمارتها دهرا هو وبنوه كما يأتي في أخبارهم. ثم بعث الأمير أبو الغازي بن أرتق ابنه حسام الدين تمرتاش شافعا في دبيس بن صدقة، وأن يضمن الحلّة بألف دينار وفرس في كل يوم، ولم يتمّ ذلك. فلمّا انصرف عن السلطان أقطع أباه أبا الغازي مدينة ميافارقين وتسلّمها من يد سقمان صاحب خلاط سنة خمس عشرة، وبقيت في يده ويد بنيه إلى أن ملكها منهم صلاح الدين بن أيوب سنة ثمانين وخمسمائة كما يذكر في أخبارهم.

[طاعة طغرل لأخيه السلطان محمود]

قد تقدّم ذكر انتقاض الملك طغرل بساوة وزنجان على أخيه السلطان محمود بمداخلة أتابكه كتبغري [١] ، وأنّ السلطان محمود المشار إليه أزعجه إلى كنجة، وسار إلى أذربيجان يحاول ملكها. ثم توفي أتابكه كتبغري في شوّال سنة خمس عشرة، وكان آق سنقر الأحمديلي صاحب مراغة فطمع في رتبة كتبغري، وسار إلى طغرل واستدعاه إلى مراغة وقصدوا أردبيل فامتنعت عليهم، فجاءوا إلى تبريز، وبلغهم أنّ السلطان أقطع أذربيجان لحيوس بك، وبعثه في العساكر وأنه سبقهم إلى مراغة فعدلوا عنها وكافئوا صاحب زنجان فأجابهم وسار معهم إلى أبهر، فلم يتمّ لهم مرادهم، وراسلوا السلطان في الطاعة واستقرّ حالهم، وأمّا حيوس بك فوقعت بينه وبين الأمراء من عسكره منافرة، فسعوا به عند السلطان فقتله بتبريز في رمضان من سنته، وكان تركيا من مماليك السلطان محمد، وكان حسن السيرة مضطلعا بالولاية.

ولمّا ولي الموصل والجزيرة كان الأكراد قد عاثوا في نواحيها، وأخافوا سبلها فأوقع بهم وحصر قلاعهم، وفتح الكثير منها ببلد الهكّاريّة وبلد الزوزان وبلد النسوية [٢] وبلد النحسة، حتى خاف الأكراد واطمأن الناس وأمنت السبل.


[١] كنتغدي: ابن الأثير ج ١٠ ص ٥٩٧.
[٢] البشنوية: ابن الأثير: ج ١٠ ص ٦٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>