للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد المؤمن أوّلا ولبني أبي حفص من بعدهم ثمّ نزع المتأخّرون منهم إلى اللّقب بأمير المؤمنين وانتحلوه لهذا العهد استبلاغا في منازع الملك وتتميما لمذاهبه وسماته وَالله غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ ١٢: ٢١.

[الفصل الثالث والثلاثون في شرح اسم البابا والبطرك في الملة النصرانية واسم الكوهن عند اليهود]

اعلم أنّ الملّة لا بدّ لها من قائم عند غيبة النّبيّ يحملهم على أحكامها وشرائعها ويكون كالخليفة فيهم للنّبيّ فيما جاء به من التّكاليف والنّوع الإنسانيّ أيضا بما تقدّم من ضرورة السّياسة فيهم للاجتماع البشريّ لا بدّ لهم من شخص يحملهم على مصالحهم ويزعهم عن مفاسدهم بالقهر وهو المسمّى بالملك والملّة الإسلاميّة لمّا كان الجهاد فيها مشروعا لعموم الدّعوة وحمل الكافّة على دين الإسلام طوعا أو كرها اتّخذت فيها الخلافة والملك لتوجّه الشّوكة من القائمين بها إليهما معا. وأمّا ما سوى الملّة الإسلاميّة فلم تكن دعوتهم عامّة ولا الجهاد عندهم مشروعا إلّا في المدافعة فقط فصار القائم بأمر الدّين فيها لا يعنيه شيء من سياسة الملك وإنّما وقع الملك لمن وقع منهم بالعرض ولأمر غير دينيّ وهو ما اقتضته لهم العصبيّة لما فيها من الطّلب للملك بالطّبع لما قدّمناه لأنّهم غير مكلّفين بالتّغلّب على الأمم كما في الملّة الإسلاميّة وإنّما هم مطلوبون بإقامة دينهم في خاصّتهم.

ولذلك بقي بنو إسرائيل من بعد موسى ويوشع صلوات الله عليهما نحو أربعمائة سنة لا يعتنون بشيء من أمر الملك إنّما همّهم إقامة دينهم فقط وكان القائم به بينهم يسمّى الكوهن كأنّه خليفة موسى صلوات الله عليه يقيم لهم أمر

<<  <  ج: ص:  >  >>