الصّلاة والقربان ويشترطون فيه أن يكون من ذرّية هارون صلوات الله عليه لأنّ موسى لم يعقب ثمّ اختاروا لإقامة السّياسة الّتي هي للبشر بالطّبع سبعين شيخا كانوا يتلون أحكامهم العامّة والكوهن أعظم منهم رتبة في الدّين وأبعد عن شغب الأحكام واتّصل ذلك فيهم إلى أن استحكمت طبيعة العصبيّة وتمحّضت الشّوكة للملك فغلبوا الكنعانيّين على الأرض الّتي أورثهم الله بيت المقدس وما جاورها كما بيّن لهم على لسان موسى صلوات الله عليه فحاربتهم أمم الفلسطين والكنعانيّين والأرمن وأردنّ وعمّان ومأرب ورئاستهم في ذلك راجعة إلى شيوخهم وأقاموا على ذلك نحوا من أربعمائة سنة ولم تكن لهم صولة الملك وضجر بنو إسرائيل من مطالبة الأمم، فطلبوا على لسان شمويل [١] من أنبيائهم أن يأذن الله لهم في تمليك رجل عليهم فولّي عليهم طالوت وغلب الأمم وقتل جالوت ملك الفلسطين. ثمّ ملك بعده داود ثمّ سليمان صلوات الله عليهما واستفحل ملكه وامتدّ إلى الحجاز ثمّ أطراف اليمن ثمّ إلى أطراف بلاد الرّوم ثمّ افترق الأسباط من بعد سليمان صلوات الله عليه بمقتضى العصبيّة في الدّول كما قدّمناه إلى دولتين كانت إحداهما بالجزيرة والموصل للأسباط العشرة والأخرى بالقدس والشّام لبني يهوذا وبنيامين.
ثمّ غلبهم بخت نصّر ملك بابل على ما كان بأيديهم من الملك أوّلا الأسباط العشرة ثمّ ثانيا بني يهوذا وبيت المقدس بعد اتّصال ملكهم نحو ألف سنة وخرّب مسجدهم وأحرق توراتهم وأمات دينهم ونقلهم إلى أصبهان وبلاد العراق إلى أن ردّهم بعض ملوك الكيانيّة من الفرس إلى بيت المقدس من بعد سبعين سنة من خروجهم فبنوا المسجد وأقاموا أمر دينهم على الرّسم الأوّل للكهنة فقط والملك للفرس ثمّ غلب الإسكندر وبنو يونان على الفرس وصار اليهود في ملكتهم ثمّ فشل أمر اليونانيّين فاعتزّ اليهود عليهم بالعصبيّة الطّبيعيّة ودفعوهم عن