فهرب كزلك خان الى العراق ولحق علي شاه بغياث الدين محمود فأكرمه وأنزله وسار خوارزم شاه الى نيسابور فأصلح أمورها وولّى عليها وسار الى هراة فنزل عليها وعسكره محاصر دونها وذلك سنة أربع وستمائة والله أعلم.
[مقتل ابن حرميل ثم استيلاء خوارزم شاه على هراة]
كان ابن حرميل قد تنكر لعسكر خوارزم شاه الذين كانوا عنده بهراة لسوء سيرتهم فلما عبر خوارزم شاه جيحون واشتغل بقتال الخطا قبض ابن حرميل على العسكر وحبسهم وبعث الى خوارزم شاه يعتذر ويشكو من فعلهم فكتب اليه يستحسن فعله ويأمره بإنفاذ ذلك العسكر اليه ينتفع بهم في قتال الخطا وكتب الى جلدك بن طغرل صاحب الجام أن يسير اليه بهراة ثقة بفعله وحسن سريرته وأعلم ابن حرميل بذلك ودسّ الى جلدك بالتحيل على ابن حرميل بكل وجه والقبض عليه فسار في ألفى مقاتل وكان يهوي ولاية هراة لأنّ أباه طغرل كان واليا بها لسنجر فلما قارب هراة أمر ابن حرميل الناس بالخروج لتلقيه وخرج هو في أثرهم بعد ان أشار عليه وزيره خواجا الصاحب فلم يقبل فلما التقى جلدك وابن حرميل ترجلا عن فرسيهما للسلام وأحاط أصحاب جلدك بابن حرميل وقبضوا عليه وانهزم أصحابه الى المدينة فأغلق الوزير خواجا الأبواب واستعدّ للحصار وأظهر دعوة غياث الدين محمود وجاء جلدك فناداه من السور وتهدّده بقتل ابن حرميل وجاء بابن حرميل حتى أمره بتسليم البلد لجلدك فأبي وأساء الردّ عليه وعلى جلدك فقتل ابن حرميل وكتب الى خوارزم شاه بالخبر فبعث خوارزم شاه الى كزلك خان نائب نيسابور والى أمين الدين أبي بكر نائب زوزن بالمسير الى جلدك وحصار هراة معه فسار لذلك في عشرة آلاف فارس وحاصروها فامتنعت وكان خلال ذلك ما قدّمناه من انهزام خوارزم شاه أمام الخطا وأسرهم إياه ثم تخلص ولحق بخوارزم ثم جاء الى نيسابور ولحق بالعساكر الذين يحاصرون هراة فأحسن الى أمرائهم لصبرهم وبعث الى الوزير خواجا في تسليم البلد لانه كان يعد عسكره بذلك حين وصوله فامتنع وأساء الردّ فشدّ خوارزم في حصاره وضجر أهل المدينة وجهدهم الحصار وتحدّثوا في الثورة فبعث جماعة من الجند للقبض عليه فثاروا بالبلد وشعر جماعة العسكر من خارج بذلك فرجعوا الى السور واقتحموه وملك البلد عنوة وجيء بالوزير أسيرا الى خوارزم شاه فأمر بقتله فقتل وكان ذلك سنة خمس وستمائة ووليّ على هراة خاله أمير ملك وعاد وقد استقرّ له أمر خراسان.