ولمّا مات ولي بعده أخوه ايلك خان سليمان، ولقبه شهير الدولة. واستوثق ملكه بتركستان وأعمالها، ووفد عليه فائق بعد حروبه بخراسان مع جيوش الأمير نوح وسبكتكين وابنه محمود، ولحق به مستصرخا فأكرمه ووعده، وكتب إلى الأمير نوح يشفع في فائق وأن يولّيه سمرقند فولّاه عليها وأقام بها.
[(استيلاء ايلك خان على ما وراء النهر)]
لما عاد بقراخان على بخارى وعاد إليها الأمير نوح، وقد كان من أبي علي بن سيجور وإجلائه عن خراسان ماكان، استدعى الأمير نوح مولاه سبكتكين بعد ذلك، واختلف ابناه بكثرزون ومنصور كما تقدّم ذلك سنة خمس وثمانين وأربعمائة ثم هلك سبكتكين كما تقدّم ذلك كله قبل. ثم استوحش بكثرزون من منصور واتفق مع فائق على خلعه، فخلعه وسمله بخراسان سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكان فائق خصيّا من موالي نوح بن منصور. وهذه الأخبار كلّها مستوفاة في دولة بني سامان. ثم بلغ الخبر إلى أيلك خان، فطمع في ملك بخارى وأعمالها، وسار في جموع الترك إلى بخارى موريا بالمحامات عن عبد الملك والنصرة له. وخرج بكثرزون والأمراء والقوّاد للقائه فقبض عليهم، وسار فدخل بخارى عاشر ذي القعدة من سنة تسع وثمانين واربعمائة ونزل دار الإمارة، وظفر بعبد الملك فحبسه فانكدر حتى مات. وحبس معه أخاه المخلوع أبا الحرث منصور، وأخويه الآخرين إسماعيل ويوسف ابني نوح، وأعمامه محمودا وداود وغيرهم. وانقرضت دولة بني سامان والبقاء للَّه.
(ثورة إسماعيل الى بخارى ورجوعه عنها)
قد تقدّم لنا أنّ إسماعيل فرّ من محبسه ولحق بخوارزم، واجتمع إليه قوّادهم وبايعوه ولقّبوه المستنصر. وبعث قائدا من أصحابه إلى بخارى ففرّ من كان بها من عساكر ايلك خان فهزمهم، وقتل منهم وحبس. وكان النائب بها جعفر تكين أخي ايلك خان فحبسه، واتبع المنهزمين إلى سمرقند، ولحق إسماعيل بأحياء الغزّ، وجمعوا عليه.