[واقعة صلاح الدين مع الملك الصالح وصاحب الموصل وما ملك من الشام بعد انهزامهما]
ثم سار سيف الدين غازي صاحب الموصل في سنة احدى وسبعين بعد انهزام أخيه وعساكره واستقدم صاحب كيفا وصاحب ماردين وسار في ستة آلاف فارس وانتهى الى نصيبين في ربيع من السنة فشتى بها حتى ضجرت العساكر من طول المقام وسار الى حلب فخرجت اليه عساكر الملك الصالح مع كمستكين الخادم وسار صلاح الدين من دمشق للقائهم فلقيهم قبل السلطان فهزمهم واتبعهم الى حلب وعبر سيف الدين الفرات منهزما الى الموصل وترك أخاه عز الدين بحلب واستولى صلاح الدين على مخلفهم وسار الى مراغة فملكها وولىّ عليها ثم الى منبج وبها قطب الدين نيال بن حسان المنجبي وكان حنقا عليه لقبح آثاره في عداوته فلحق بالموصل وولاه غازي مدينة الرقة ثم سار صلاح الدين الى قلعة إعزاز فحاصرها أوائل ذي القعدة من السنة أربعين يوما وشدّ حصارها فاستأمنوا اليه فملكها ثاني الأضحى من السنة وثب عليه في بعض أيام حصارها باطني من الفداوية فضربه وكان مسلحا فأمسك يد الفداوي حتى قتل وقتل جماعة كانوا معه لذلك ورحل صلاح الدين بعد الاستيلاء على قلعة إعزاز الى حلب فحاصرها وبها الملك الصالح واعصوصب عليه أهل البلد واستماتوا في المدافعة عنه ثم ترددت الرسل في الصلح بينهما وبين صاحب الموصل وكيفا وصاحب ماردين فانعقد بينهم في محرم سنة اثنتين وتسعين وعاد صلاح الدين الى دمشق بعد أن رد قلعة إعزاز الى الملك الصالح بوسيلة أخته الصغيرة خرجت الى صلاح الدين ثائرة فاستوهبته قلعة إعزاز فوهبها لها والله تعالى أعلم.
مسير صلاح الدين الى بلاد الإسماعيلية
ولما رحل صلاح الدين عن حلب وقد وقع من الإسماعيلية على حصن إعزاز ما وقع قصد بلادهم في محرم سنة اثنتين وتسعين ونهبها وخربها وحاصرها قلعة باميان ونصب عليها المجانيق وبعث سنان مقدّم الإسماعيلية بالشام الى شهاب الدين الحارمي خال صلاح الدين بحماة يسأله الشفاعة فيهم ويتوعده بالقتل فشفع فيهم وأرحل العساكر عنهم وقدم عليه أخوه توران شاه من اليمن بعد فتحه وإظهار دعوتهم فيه وولى على مدنه وامصاره فاستخلفه صلاح الدين على دمشق وسار الى مصر لطول عهده بها أبو الحسن بن سنان بن سقمان بن محمد ولما وصل