للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(استيلاء خلف بن أحمد على كرمان ثم انتزاع الديلم لها)]

ولما استفحل أمر خلف بسجستان حدّث نفسه بملك كرمان، وكانت في أيدي بني بويه وملكهم يومئذ عضد الدولة، فلمّا وهن أمرهم، ووقع الخلف بين صمصام الدولة وبهاء الدولة ابني عضد الدولة، جهّز العساكر إلى كرمان وعليهم عمرو ابنه وقائدهم يومئذ تمرتاش من الديلم. فلما قاربها عمرو هرب تمرتاش إلى بردشير [١] وحمل ما أمكنه، وغنم عمرو الباقي وملك كرمان وجبى الأموال. وكان صمصام الدولة صاحب فارس، فبعث العساكر إلى تمرتاش مع أبي جعفر وأمره بالقبض عليه لاتهامه بالميل إلى أخيه بهاء الدولة، فسار وقبض عليه، وحمله إلى شيراز. وسار بالعساكر إلى عمرو بن خلف فقاتله عمرو بدار زين وانهزم الديلم وعادوا على طريق جيرفت، وبعث صمصام الدولة عسكرا آخر مع العبّاس بن أحمد من أصحابه، فلقوا عمرو بن خلف بالسيرجان في المحرّم سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة فهزموه وعاد إلى أبيه بسجستان مهزوما، ووبّخه ثم قتله. ثم عزل صمصام الدولة العبّاس عن كرمان فأشاع خلف بأن أستاذ هرمز سمّه، واستنفر الناس لغزو كرمان، وبعثهم مع ابنه طاهر، فانتهوا إلى برماشير [٢] وملكوها من الديلم، ولحق الديلم بجيرفت واجتمعوا بها، وبعثوا بها [٣] إلى بردشير حامية من العسكر، وهو أصل بلاد كرمان ومصرها فحصرها طاهر ثلاثة أشهر، وضيّق على أهلها، وكتبوا إلى أستاذ هرمز يستمدّونه قبل أن يغلبهم عليها طاهر، فخاطر بنفسه، وركب إليهم المضايق والأوعار حتى دخلها، وعاد طاهر إلى سجستان واستنفر الناس لغزو الديلم بجيرفت، واجتمعوا بها وبعثوا إلى بردشير حامية من العسكر، وهو أصل بلاد كرمان، وذلك سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.


[١] بردسير: ابن الأثير ج ٩ ص ٨٢.
[٢] نرماسير: ابن الأثير ج ٩ ص ٨٤.
[٣] يبدو ان «بها» زائدة ولا لزوم لها حسب سياق المعنى.
ابن خلدون م ٢٨ ج ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>