للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلا، فهرب منصور من أنفاء وتركها. ولحق بمولاه عبد الرحمن فأجفل من أزمور إلى مراكش، والسلطان في أثره حتى انتهى إلى قنطرة الوادي، على غلوة من البلد، وأقام خمسة أشهر يحاصرها، واتصل الخبر بالسلطان ابن الأحمر صاحب الأندلس، فبعث خالصته الوزير أبا القاسم الحكيم الرنديّ ليعقد الصلح بينهما، فعقده على أن يسترهن السلطان أولاد الأمير عبد الرحمن وحافد أبي الحسن. وانكفأ السلطان راجعا إلى سلا. ولحق به جماعة من جملة الأمير عبد الرحمن من بني مرين وغيرهم، نزعوا عنه، وكان محمد بن يعقوب الصبحي لقي في طريقه مولى الأمير عبد الرحمن، جاء به مكرها إلى السلطان. وكان من النازعين أيضا يعقوب بن موسى بن سيّد الناس كبير بني ونكاسن، وأبو بكر بن رحّو بن الحسن بن علي بن أبي الطلاق، ومحمد بن مسعود الإدريسي وزيّان بن عمر بن علي الوطاسي وغيرهم من المشاهير. وقدموا على السلطان بسلا فتقبّلهم وأحسن كرامتهم، ورحل راجعا إلى فاس والله أعلم.

[انتقاض علي بن زكريا شيخ الهساكرة على الأمير عبد الرحمن وفتكه بمولاه منصور ومقتل الأمير عبد الرحمن]

لما رجع السلطان إلى فاس وبدا من الخلل في دولة الأمير عبد الرحمن وانتقاض الناس عليه ما قدّمناه، نزع يده من التعويل على العساكر، وشرع في تحصين البلد.

وضرب الأسوار على القصبة وحفر الخنادق وتبيّن بذلك اختلال أمره. وكان علي بن زكريا شيخ هسكورة وكبير المصامدة وكان في دعوته منذ دخل مراكش فتلافى أمره مع صاحب فاس، ومدّ إليه يدا من طاعته. ثم انتقض على الأمير عبد الرحمن ودخل في دعوة السلطان، وبعث إليه الأمير عبد الرحمن مولاه منصورا يستألفه، فأرصد إليه في طريقه من حاشيته من قتله، وبعث برأسه إلى فاس، فنهض السلطان في عساكره إلى مراكش. واعتصم الأمير عبد الرحمن بالقصبة وقد كان أفردها عن المدينة بالأسوار. وخندق عليها فملك السلطان المدينة ورتّب على القصبة المقاتلة من كل جهة، ونصب الآلة وأدار عليها من جهة المدينة حائطا وأقام يحاصرها تسعة [١]


[١] وفي نسخة ثانية: سبعة أشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>