للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما زيد بن عمرو فما هم أن يدخل [١] في دين ولا اتبع كتابا واعتزل الأوثان والذبائح والميتة والدم ونهى عن قتل الموءودة وقال: أعبد ربّ إبراهيم وصرّح بعيب آلهتهم وكان يقول: اللَّهمّ لو أني أعلم أيّ الوجوه أحب إليك لعبدتك [٢] ولكن لا أعلم ثم يسجد على راحته. وقال ابنه سعيد وابن عمه عمر بن الخطاب: يا رسول الله استغفر الله لزيد بن عمرو قال: نعم انه يبعث أمة واحدة. ثم تحدّث الكهّان والحزاة قبل النبوّة وأنها كائنة في العرب وأن ملكهم سيظهر، وتحدّث أهل الكتاب من اليهود والنصارى بما في التوراة والإنجيل من بعث محمد وأمته، وظهرت كرامة الله بقريش ومكّة في أصحاب الفيل إرهاصا بين يدي مبعثه. ثم ذهب ملك الحبشة من اليمن على يد ابن ذي يزن من بقية التبابعة، ووفد عليه عبد المطلب يهنيه عند استرجاعه ملك قومه من أيدي الحبشة، فبشره ابن ذي يزن بظهور نبيّ من العرب وأنه من ولده في قصة معروفة. وتحيّن الأمر لنفسه كثير من رؤساء العرب يظنه فيه، ونفروا إلى الرهبان والأحبار من أهل الكتاب يسألونهم ببلدتهم على ذلك [٣] ، مثل أمية بن أبي الصلت الشقيّ وما وقع له في سفره إلى الشام مع أبي سفيان بن حرب وسؤاله الرهبان ومفاوضته أبا سفيان فيما وقف عليه من ذلك، يظن أنّ الأمر له أو لأشراف قريش من بني عبد مناف حتى تبين لهما خلاف ذلك في قصة معروفة، (ثم رجمت) الشياطين عن استماع خبر السماء في أمره وأصغى الكون لاستماع أنبائه.

[المولد الكريم وبدء الوحي]

ثم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل، لأربعين سنة من ملك كسرى أنوشروان وقيل لثمان وأربعين، ولثمانمائة واثنتين وثمانين لذي القرنين. وكان عبد الله أبوه غائبا بالشام وانصرف فهلك بالمدينة، وولد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مهلكه بأشهر قلائل، وقيل غير ذلك.

وكفله جدّه عبد المطلب بن هاشم وكفالة الله من ورائه، والتمس له الرضعاء واسترضع في بني سعد من بني هوازن، ثم في بني نصر بن سعد أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحرث بن شحنة بن رزاح بن ناظرة بن خصفة بن


[١] وفي النسخة الباريسية: فلم يدخل دين.
[٢] وفي النسخة الباريسية: عبدتك به.
[٣] وفي نسخة ثانية: من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>